الحديث ، والذي لم يُعلم ذلك منه يُعلم أنّه طريق إلى رواية أصل الثقة الذي نقل الحديث منه ، والفائدة في ذكره مجرّد التبرك باتّصال السلسلة المخاطبة اللسانيّة ودفع تعسّر العامة [من] الشيعة بأن أحاديثهم غير معنعنة بل منقولة من أصول قدمائهم .
الحادي عشر : أنّ طريقة القدماء موجبة للعلم / 17 / ومأخوذة من أهل العصمة ؛ لأنّهم قد أمروا باتّباعهم وقرّروا العمل بها فلم ينكروه ، وعمل بها الإمامية في مدّة تقارب سبعمئة سنة ، والاصطلاح الجديد موافق لاعتقاد العامّة واصطلاحهم ، بل هو مأخوذ من كتبهم ؛ كما هو ظاهر بالتتبّع ، وكما يفهم من كلام الشيخ حسن ۱ وغيره ، وقد أمر الأئمّة عليهم السلام باجتناب طريقة العامة ، وقد تقدّم بعض ما يدلّ على ذلك في القضاء في أحاديث ترجيح الحديثين المختلفين وغيرها .
الثاني عشر : أن الاصطلاح الجديد يستلزم تخطئة جميع الطائفة المحقّة في زمن الأئمّة إلى زمن الغيبة ؛ كما ذكره المحقّق في اُصوله حيث قال:
أفرط قوم في العمل بخبر الواحد ـ إلى أن قال: ـ واقتصر بعض على هذا الإفراط فقالوا: «كلّ سليم السند يُعمل به»، وما علم أنّ الكاذب قد يصدق، وقد يتفطّن أنّ ذلك طعنٌ في علماء الشيعة وقدح في المذهب؛ إذ لا مصنّف إلاّ وهو يعمل بخبر المجروح كما يعمل بخبر العدل، انتهى. ۲
ونحوه كلام الشيخ وغيره في عدّة مواضع .
الثالث عشر : أنّه يستلزم ضعف أكثر الأحاديث الّتي قد عُلم نقلها من الاُصول المجمع عليها ؛ لأجل ضعف بعض رواتها أو جهالتهم أو عدم توثيقهم ، فيكون تدوينها عبثا بل محرّما ، وشهادتهم بصحّتها زورا وكذبا ، ويلزم بطلان الإجماع الذي علم دخول المعصوم فيه أيضا كما تقدّم ، واللوازم باطلة فكذا الملزوم ، بل يستلزم ضعف الأحاديث كلّها عند التحقيق ؛ لأنّ الصحيح عندهم ما رواه العدل الإمامي
1.منتقى الجمان ، ص۱۳ : إنّ القدماء لا علم لهم بهذا الاصطلاح قطعا ؛ لاستغنائهم عنه في الغالب بكثرة القرائن الدالة على صدق الخبر وإن اشتمل طريقه على ضعف كما أشرنا إليه سالفا ، فلم يكن للصحيح كثير مزيّة توجب له التمييز باصطلاح أو غيره ، فلمّا اندرست تلك الآثار واستقلّت الأسانيد بالأخبار اضطرّ المتأخّرون إلى تمييز الخالي من الريب وتعيين البعيد عن الشك ، فاصطلحوا على ما قدّمنا بيانه ، ولا يكاد يعلم وجود هذا الاصطلاح قبل زمن العلاّمة إلاّ من السيّد جمال الدين طاووس رحمه الله .
2.المعتبر ، ج۱ ، ص۲۹ .