الضابط في جميع الطبقات ، ولم ينصّوا على عدالة أحد من الرواة إلاّ نادرا ، وإنّما نصّوا على التوثيق وهو لا يستلزم العدالة قطعا ، بل بينهما عموم من وجه كما صرّح به الشهيد الثاني ۱ وغيره ، ودعوى بعض المتأخّرين أنّ الثقة بمعنى العدل الضابط ممنوعة وهو يطلب بدليلها ، وكيف وهم مصرّحون بخلافها حيث يوثّقون من يعتقدون فسقه وكفره وفساد مذهبه ، وإنّما المراد بالثقة من يوثق بخبره ويؤمن منه الكذب عادةً ؛ والتتبّع شاهد به ، وقد صرّح بذلك جماعة من المتقدّمين والمتأخّرين ، والمعلوم الذي لا ريب فيه عند مصنّف أن الثقة تجامع الفسق بل الكفر ، وأصحاب اصطلاح الجديد ۲ قد اشترطوا ۳ في الرواي العدالة ، ويلزم من ذلك ضعف جميع أحاديثنا ؛ لعدم العلم بعدالة أحد منهم إلاّ نادرا ، ففي إحداث هذا الاصطلاح غفلة عن جهات متعدّدة كما ترى .
وكذلك كون الراوي ضعيفا في الحديث لا يستلزم الفسق بل يجتمع مع العدالة ؛ فإنّ العدل الكثير السهو ضعيف في الحديث ، والثقة والضعف غاية ما يمكن معرفته بأحوال الرواة .
ومن هنا يظهر فساد خيال من قال: إنّ آية «إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُم بِنَبَإٍ» تشعر بصحّة الاصطلاح الجديد ، مضافا إلى كون دلالتها بالمفهوم الضعيف ۴ المختلَف في حجيته ، فإن أجابوا بأصالة العدالة أجبنا / 18 / بأنه خلاف مذهبهم ولا يذهب إليه منهم إلاّ القليل ، ومع ذلك يلزم الحكم بعدالة المجهولين والمهملين وهم لا يقولون به ، ويبقى اشتراط العدالة بغير فائدة .
الرابع عشر : أنّه لو لم يجز لنا قبول شهادتهم في صحّة أحاديث كتبهم وثبوتها ونقلها من الاُصول الصحيحة والكتب المعتمدة وقيام القرائن على ثبوتها لما جاز لنا قبول شهادتهم في مدح الرواة وتوثيقهم ، فلا يبقى حديث صحيح ولا حسن