جواهر الکلمات فيما يتعلق بأحوال الرواة - صفحه 371

من هؤلاء الجماعة وهو من أين هذا؟ على أنّ غاية ما استفيد من قولهم «فلان أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه» وثاقة من قيلت في حقه تلك العبارة ، ومن البيّن أنّ هذا غير تصحيح نفس الرواية. نعم قد يتفق ذلك ، ولكن لا يستدعي كون أكثر أحاديثنا كذلك. سلّمنا ، ولكن ملاحظة أحوال غير هؤلاء الجماعة من سلسلة السند مما لابدّ منه ، فإنكار الاحتياج إلى علم الرجال شبهة و سفسطة في مقابل البداهة . سلّمنا ، ولكن غاية ما يَثبت منها إنّما هو علمية العمل ، وأمّا علمية الصدور فلا ؛ كما لا يخفى على لاحِظ العبارة المذكورة ، فتدبّر.
وأمّا عن الوجه السابع: فلأنّ مفاد هذا الوجه لو تمّ فإنّما يدلّ على قطعيّة العمل ، وأين هي من قطعيّة الصدور؟ فتدّبر.
وأمّا عن الوجه الثامن: فبأنّ طرح الصحيح والعمل بالضعيف مع التمكّن بغيره من الصحاح لا يستدعي بطلان الاصطلاح الجديد ، وإلاّ يرد التناقض الصريح والتدافع القطعي على كلمات أصحاب الاصطلاح الجديد ؛ لأنّا نرى أنّهم كثيرا ما يطرحون الصحيح و يعملون بالضعيف. وبالجملة: أهل هذا الاصطلاح لا يقولون: «إن كل سليم السند لابدّ من العمل به» حتّى يرد ما يرد.
وأمّا عن الوجه التاسع: فنقول أوّلاً: إنّه لا يصحّ حمل ما في أوائل كتب المشايخ على الشهادة ؛ لأنّ الشهادة خبر جازم بما شهده ۱ الشاهد أو سمعه أو علمه ، و من البيّن أنّ الخبر يكون من أقسام اللفظ ، فنقول حينئذٍ: إنّ الشهادة لفظ ، و ما قاله المشايخ في أوائل الكتب ليس بلفظ ؛ أمّا الصغرى فبملاحظة تعريف الشهادة ، وأمّا الكبرى فلأنّ اللفظ ما يعتمد على مقطع الفم ، وكلّما يعتمد عليه من حيث هو ليس من مقولة النقش ، والحال أنّ ما سُطر في أوائل كتبهم ليس إلاّ من النقوش بالبديهة. وثانيا سلّمنا صدق الشهادة على ما سطر في كتبهم وثبوت حكمهم بصحّة ما في الكتب الأربعة ، لكن الصحّة ليس معناها القطعيّة ، بل هي في ا[لا]صطلاح عبارة عما يركن النفس إليه ، و من البيّن أنّ الركون والاعتماد أعمّ من القطعيّة ، ولا دلالة للعام على الخاص ؛ وقد حقّقنا

1.ب: شاهده.

صفحه از 500