من هؤلاء الجماعة وهو من أين هذا؟ على أنّ غاية ما استفيد من قولهم «فلان أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه» وثاقة من قيلت في حقه تلك العبارة ، ومن البيّن أنّ هذا غير تصحيح نفس الرواية. نعم قد يتفق ذلك ، ولكن لا يستدعي كون أكثر أحاديثنا كذلك. سلّمنا ، ولكن ملاحظة أحوال غير هؤلاء الجماعة من سلسلة السند مما لابدّ منه ، فإنكار الاحتياج إلى علم الرجال شبهة و سفسطة في مقابل البداهة . سلّمنا ، ولكن غاية ما يَثبت منها إنّما هو علمية العمل ، وأمّا علمية الصدور فلا ؛ كما لا يخفى على لاحِظ العبارة المذكورة ، فتدبّر.
وأمّا عن الوجه السابع: فلأنّ مفاد هذا الوجه لو تمّ فإنّما يدلّ على قطعيّة العمل ، وأين هي من قطعيّة الصدور؟ فتدّبر.
وأمّا عن الوجه الثامن: فبأنّ طرح الصحيح والعمل بالضعيف مع التمكّن بغيره من الصحاح لا يستدعي بطلان الاصطلاح الجديد ، وإلاّ يرد التناقض الصريح والتدافع القطعي على كلمات أصحاب الاصطلاح الجديد ؛ لأنّا نرى أنّهم كثيرا ما يطرحون الصحيح و يعملون بالضعيف. وبالجملة: أهل هذا الاصطلاح لا يقولون: «إن كل سليم السند لابدّ من العمل به» حتّى يرد ما يرد.
وأمّا عن الوجه التاسع: فنقول أوّلاً: إنّه لا يصحّ حمل ما في أوائل كتب المشايخ على الشهادة ؛ لأنّ الشهادة خبر جازم بما شهده ۱ الشاهد أو سمعه أو علمه ، و من البيّن أنّ الخبر يكون من أقسام اللفظ ، فنقول حينئذٍ: إنّ الشهادة لفظ ، و ما قاله المشايخ في أوائل الكتب ليس بلفظ ؛ أمّا الصغرى فبملاحظة تعريف الشهادة ، وأمّا الكبرى فلأنّ اللفظ ما يعتمد على مقطع الفم ، وكلّما يعتمد عليه من حيث هو ليس من مقولة النقش ، والحال أنّ ما سُطر في أوائل كتبهم ليس إلاّ من النقوش بالبديهة. وثانيا سلّمنا صدق الشهادة على ما سطر في كتبهم وثبوت حكمهم بصحّة ما في الكتب الأربعة ، لكن الصحّة ليس معناها القطعيّة ، بل هي في ا[لا]صطلاح عبارة عما يركن النفس إليه ، و من البيّن أنّ الركون والاعتماد أعمّ من القطعيّة ، ولا دلالة للعام على الخاص ؛ وقد حقّقنا