جواهر الکلمات فيما يتعلق بأحوال الرواة - صفحه 373

هذا تمام الكلام بالنظر إلى المقام الأوّل بطريق الإجمال والاقتصار ، كيف لا؟ مع أنّ للخصم وجوها كثيرة محرّرة في الكتب المبسوطة ، ولكنّ المقصود في الرسالة الإشارة إلى عمدتها ، وهي الوجهان اللذان ذكرناهما للتنبيه على طريقتهم وسلوكهم مع السلسلة العليّة العالية ، وهي الطائفة المحقّة أي المجتهدون شكر اللّه مساعيهم الجميلة بحرمة إمام البريّة ووصيّ خير الخليقة وعترته الطاهرة.

[المقام الثاني : في مقام إثبات الحاجة إلى علم الرجال بطريق الايجاب الكلى]

وأمّا الكلام في المقام الثاني فاعلم أنّه قد تشاجر العلماء في هذا المقام على قولين: ذهب المحققّون إلى الحاجة إلى علم الرجال على سبيل الإيجاب الكلّي ، بمعنى أنّ كلّ مجتهد لابدّ له في العمل بأخبار الآحاد من ملاحظة سندها بالرجوع إلى الكتب الرجالية ، خلافا لجماعة حيث صاروا إلى كفاية تصحيح معتمد لبعض آخر ، وتحقُّقُ المطلب يستدعي التكلم في مقامات:
[المقام] الأوّل: في تحقيق أنّ النزاع في كفاية تصحيح الغير والعدم هل هو في الصغرى أوفي الكبرى؟ يظهر عن عبائر جمع أنّ النزاع في المسألة موضوعي وصغروي ؛ نظرا إلى استدلالهم على لزوم النظر لكلّ مجتهد في علم الرجال ؛ لعدم حصول الوصف ـ أي الظنّ بصدق الراوي ـ إلاّ بعد الفحص عن أحوال السند ، ولا يحصل ذلك الوصف من تصحيح الغير. ويظهر من آخر أنّ النزاع في الكبرى أي في حجيّة الظن من تصحيح الغير ، ولكنّ الحق أنّ النزاع يتصوّر في كلا الأمرين:
أمّا في الصغرى فلأنّا نقول: نحن و إن لم نمنع حصول الظنّ ۱ من تصحيح من يعتمد على قوله ـ لأنّ حصوله في بدو الأمر أمر قهري منعُه ركيك ـ و لكن يزول بملاحظة مقدمة اُخرى وهي اختلاف مشاربهم مشرب المصحّحين ومذاقهم وتفاوت مراتب فهمهم وسليقتهم ؛ لأنّا إذا لاحظنا أحوال المجتهدين رأينا كثيرا ما أنّ حديثا صحيحةٌ [ بفحص ]بعضهم ضعيفةٌ بفحص آخر ؛ نظرا إلى اختلاف فهمهم في القرائن والأسباب التي تدلّ على صفات الرواة مدحا وقدحا ؛ إذ سيجيء في بيان أمارات

1.ب: ـ الظن.

صفحه از 500