جواهر الکلمات فيما يتعلق بأحوال الرواة - صفحه 374

المدح والقدح أنّ من الأمارات ما تدلّ على وثاقة / 24 / الراوي عن بعضٍ غايتَها مع عدم دلالته عند بعض على الوثاقة أصلاً ، وكذا يتّفق كثيرا ما أن بعضهم يدّعي أنّ الرواية الكذائي في المسألة الفلانية موثّق مثلاً ولا أعمل بها ، وبعضهم يدّعي أنّها صحيحة لابدّ من العمل به ؛ وقس على ما ذكرنا من اختلافهم في فهم القرائن اختلافهم في الجمع بين المتعارضين من الجرح والتعديل وغيره من سائر طرق الاختلاف ۱ بينهم الّتي لا يمكن تعديدها ۲ في المقام. وبالجملة: نحن وإن لم ندّع عدم حصول الظنّ في بادئ الرأي ، إلاّ أنّه بعد ملاحظة هذه الاُمور يضمحلّ الظنّ البدوي.
وأمّا تقرير النزاع في الكبرى فنقول بعد تسليم الصغرى: إنّ بعض العلماء صاروا إلى أنّ الظن الحاصل من تصحيح الغير كافٍ ومغنٍ عن الرجوع إلى علم الرجال ؛ تمسّكا بعدم الدليل على التفرقة وقبح الترجيح بلا مرجح ، واعتبار الأقوى مع عدم دليل عليه لا وجه له ؛ إذ ما من ظنّ إلاّ ويمكن أقوى منه مما يقبل الشدّة والضعف إلى أن يصل إلى مرتبة العلم ، مضافا إلى أنّ الظنّ الحاصل من تصحيح بعض المعتمدين في علم الرجال ربما يكون أقوى من تعديل بعض آخر ، خلافا لجماعة من المحقّقين حيث ۳ قالوا بعدم جواز الاكتفاء بالظنّ الحاصل من تصحيح الغير وإن كان من المعتمدين ، وهذ القول هو المعتمد ؛ والدليل عليه أنّا حرّرنا في مقام إثبات حجيّة الظنّ أنّ الأصل حرمة العمل بالظنّ إلاّ ما دلّ الدليل على اعتباره ، ولم يستفد من الدليل العقلي الدالّ على اعتباره إلاّ اعتباره في الجملة ، و لابدّ في التعميم من مقدمّة مقنية ۴ وهي هنا ـ كما توهّم الخصم في المسألة ـ ليست إلاّ قبح الترجيح بلا مرجّح ، والحال أنّ هذه المقدّمة لا يجري إلاّ في صورة عدم وجود القدر المتيقّن في البين ، وهو في المقام

1.ب: الاختلافات .

2.الف و ب : تعددها .

3.منتقى الجمّان ، ج۱ ، ص۱۴ : «الفائدة الثانية: الأقرب عندي عدم الاكتفاء في تزكية الراوي بشهادة عدل الواحد وهو قول جماعة من الاُصوليّين ومختار المحقّق أبيالقاسم بن سعيد ، والمشهور بين أصحابنا المتأخرين الاكتفاء بها ، لنا: أنّ اشتراط العدالة في الراوي يقتضي اعتبار حصول العلم بها ، وظاهر أنّ تزكية الواحد لا يفيده بمجرّدها ، والاكتفاء بالعدلين مع عدم إفادتهما العلم إنّما هو لقيامهما مقامه شرعا فلا يقاس عليه».

4.الف: ـ «مقنية» ، مع خلو مكانه.

صفحه از 500