جواهر الکلمات فيما يتعلق بأحوال الرواة - صفحه 376

المعلوم ، والدليل إنّما اُقيم على اعتبار الثانية دون الاُولى ، فيبقى تحت أصالة حرمة العمل بما وراء العلم في الشريعة حتى يقام ۱ الشهادة الشرعيّة على العمل به ، فتدبّر.
ثم إنّ في المسألة قولاً آخر و هو جواز الاكتفاء بتصحيح الغير لو كان رواة سلسلةِ ما صحّحه مذكورة ، كأن يقول مجتهد: «المسألة الفلانية حُكمها كذا ؛ لرواية صحيحة رواها فلان عن فلان عن فلان» و يذكر سلسلة سندها إلى المعصوم ، فيكون الحكم بالصحّة على هذا النحو تعديلاً للراوي المعيّن ؛ فالمقتضي وهو التعديل موجود ، والمانع ـ وهو عدم إمكان الفحص ـ مفقود فلابدّ من القبول ، وفيه نظر ظاهر ؛ إذ مجرد ذكر أسامي سند الرواية غير موجب لجواز العمل بتصحيح الغير لوقلنا بأنّه من باب الظنّ كما هو الحق . نعم لوقلنا بكونه من باب الشهادة يمكن أن يقال بأنّه حينئذٍ شهادة على المعلوم بخلاف ما لم يكن الرواة مذكورين في السند ، و كون هذا أيضا لا يخلو عن نظر و مناقشة إذ دلالة التصحيح على التعديل تكون حينئذٍ باللزوم البيّن بالمعنى الأعمّ ، وأشرنا آنفا إلى عدم قبول مثل هذه الشهادة ، فتدبّر. وأمّا لو قلنا بكونه من باب الخبر والرواية فلا فرق بين أن يكون المعدّل مذكورا أم لا ، وفيه كلام سيجيء تحقيقه في مبحث قبول تعديل مجهول العين.
المقام الثاني: اعلم أنّ رجوع المجتهد إلى علم الرجال إمّا أن يكون ميسورا له من غير أدائه إلى العسر والمشقة أم لا ، وعلى الثاني إمّا أن يكون ذلك العسر مؤدّيا إلى تعطيل الأحكام أم لا ، فللمسألة صور ثلاثة:
أمّا الصورة الاُولى فقد عرفت حكمها في المقام السابق من عدم جواز الرجوع إلى تصحيح الغير والاكتفاء به.
وأمّا الصورة الثانية فيحكم فيها بجواز الاكتفاء به ؛ للأدلّة اللفظية من الكتاب والسنة الدالّة على نفي العسر والحرج في الشريعة السمحة السهلة.
لا يقال: إنّ الأدلّة النافية للعسر معارضة بالعمومات الناهية عن العمل بالمظنّة تعارض العمومين من وجه ، ۲ وأخذُ أحد المتعارضين من غير مرجّح في البين ممّا

1.الف و ب : اُقيمت .

2.ب: ـ من وجه.

صفحه از 500