جواهر الکلمات فيما يتعلق بأحوال الرواة - صفحه 385

المجازفة ۱ التي ذكرها لا ريب فيه ، ولكن ليس المطلوب بشرط الضبط الأمن منها ، بل المقصود به السلامة من غلبة السهو والغفلة الموجبة لوقوع الخلل على سبيل الخطأ ، وحينئذٍ فلابدّ من ذكره ، غاية الأمر: أنّ القدر المعتبر منه يتفاوت بالنظر إلى أنواع الرواية ، فما يعتبر في الرواية من الكتاب قليل بالنسبة إلى ما يعتبر في الرواية من الحفظ كما هو واضح ، انتهى كلامه ۲ .
وأيضا يرد على جميع الآخرين أنّ قيد العدالة مُغنٍ عن التقييد بالإمامي ؛ ضرورة أنّ فاسد المذهب لا يتّصف بالعدالة حقيقةً ؛ لما قرّرنا في محلّه من أنّ العدالة حقيقة عرفية في معنى معروف لا يجامع فساد العقيدة قطعا.
فإن قلت: الإغناء المذكور إنّما يسلَّم لو لم ندّع توقّف صدق وصف الفسق بفعل المعاصي المخصوصة على اعتقاد الفاعل كونها معصيةً ، ولم نمنع صدق الفاسق على المخطئ في بعض الاُصول كالإماميّة بعد بذل مجهوده والسعي بقدر طاقته ۳ ؛ لجواز أن يكون الفسق هو الخروج عن طاعة اللّه مع العلم به ، ولا ريب في أن ما ذهب إليه ذلك المخطئ إنّما يجعله من أعظم القربات.
قلت: التوقّف المذكور وإن مال إليه جماعة من الفحول كالشهيد الثاني في بعض كتبه على ما نَقَل عنه ولده الأمجد في المنتقى وشيخنا البهائي ۴ لكنّه بعيد عن الصواب ؛ توضيح المطلب : أنّ لفظ الفسق كما يحتمل أن يكون حقيقة في الخروج عن الطاعة مع العلم به ، كذا يحتمل كونه حقيقة في القدر المشترك وهو الخروج عن الطاعة مطلقا وإن جهل بخروجه عنها ، لكن مقتضى التحقيق هو الاحتمال الثاني ؛ والدليل عليه أمران:
الأوّل: التبادر ؛ إذ لا شكّ أنّ المتبادر من لفظ الفاسق لغةً وشرعا هو الخروج عن طاعة اللّه مطلقا.
الثاني: عدم صحّة السلب ، وتقريره ظاهر ؛ إذ لا ريب أنّ الجهل بالخروج لا

1.الف : ـ المجازفة .

2.منتقى الجمّان ، ج۱ ، ص۵ و ۶ .

3.الف و ب : طاعته .

4.منتقى الجمّان ، ص۵ ؛ مشرق الشمسين ، ص۲۷۰ و ۲۷۱ .

صفحه از 500