والاضطراب الواقع في أخبار العامة كالحديث المرويّ عن النبيّ صلى الله عليه و آله المتقدم إليه الإشاره ، ولكن يظهر من بعض أصحابنا أنّ الاضطراب في السند مطلقا ـ وإن كان على الوجه الواقع في أخبارنا ـ قادح في صحّة الخبر ، ومن القائلين بذلك الشهيد الثاني في بعض كتبه الفقهية على ما نَقَل عنه ولده الأمجد في المنتقى حيث قال:
و صرّح والدي في بعض كتبه الفقهية بأنّ رواية الراوي عن المعصوم تارةً بالواسطة و اُخرى بدونها اضطراب في السند يمنع من صحّته.
ثمّ اعترض على الوالد بأن:
منعُ الاضطراب الواقع على الوجه المذكور في كلام العامّة من صحّة الخبر وقبوله أمر واضح؛ لدلالته على عموم الضبط الذي هو شرط فيهما، وبهذا علّلوا اقتضاء الاضطراب ضعف الخبر، ولا ريب فيه كما لا شك في عدم وقوع مثله في أخبارنا لا سيّما السليمة عن الضعف لغيره، وأمّا ما يقع منه على الوجه الذي ذكره والدي وخصوصا المصرّح به في بعض كتبه الفقهية ، فدعوى منعه من الصحّة أو القبول لا يساعد عليها اعتبار عقلي ولا دليل نقلي، وقد أحال وجه المانعية ۱ فيما ذكره في الكتب الفقهية على ما تقرّر في علم الدراية، فعلم أنّه توهّم. نعم، يتّفق كثيرا في أخبارنا المتكرّرة وقوع الاختلاف في أسانيدها بإثبات واسطة وتركها، ويقوى في النظر أنّ أحدهما غلط من الناسخين، وإذا كان احتمال الغلط في النسخ مرجوحا في نظر الممارس المطّلع على طبقات الرواة حكم لكلّ من الطرفين المختلفين بما يقتضيه ظاهره من صحّة وغيرها، ولا يؤثّر هذا الاختلاف شيئا؛ لأنّ رواية الحديثِ بالواسطة تارةً وبعدمها اُخرى أمر ممكن في نفسه غير مستبعد بحسب الواقع ولا مستنكر. واستبعاد رواية الراوي بواسطة هو مستغنٍ عنها مدفوع؛ بأنّه من المحتمل وقوع الرواية منه بالواسطة قبل أن تيسّر له المشافهة، انتهى كلامه ملخّصا. ۲
أقول: أنت خبير بأن ما نقله الولد الأمجد عن الوالد الماجد و نسبه إليه منافٍ لظاهر ما نقلنا من تعريف الشهيد للصحيح؛ إذ هو متناول للمضطرب إذا اتّصلت روايته إلى المعصوم بنقل العدل الإمامي، إلى آخر التعريف. و بالجملة: المناقشة على كلام الشهيد متوجهة؛ كيف لا؟ مع أنّه بناءً على ما نقل يلزم انتقاض تعريفه للصحيح في
1.الف و ب : المانعة .
2.منتقى الجمّان ، ج۱ ، ص۹ ـ ۱۱ .