طرده بالمضطرب.
وكيف ما كان: قد ظهر من تضاعيف ما ذكرنا أنّ الاضطراب دائر بين معنيين: أحدهما غير واقع في أخبارنا ، فلا حاجة لنا في تعريف الصحيح إلى الاحتراز عنه ، والآخر غير منافٍ لصحّة الوجه ، فهو أجدر لعدم الاحتياج إلى الاحتراز عنه.
الرابع: اعلم أنّ الصحيح قد يطلق على بعض من رجال السند ، كقول العلاّمة / 34 / في الخلاصة:
إنّ طريق الفقيه إلى معاوية بن ميسرة وإلى عائذ الأحمسي وإلى خالد بن نجيح وإلى عبدالأعلى مولى آل سام صحيح. ۱
والشاهد على ذلك أنّ الثلاثة الاُوَل لم ينصّ عليهم بتوثيق ولا غيره.
أقول: الذي يظهر من عبائر جماعة ـ ومنها كلام المنتقى ۲ ـ أنّ حكم العلاّمة بالصحّة في هذه الصور غير منافٍ للاصطلاح ؛ إذ الغرض من هذا الإطلاق بيان حال الطرق إلى الجماعة المذكورة لا عنهم ؛ كما هو صريح لفظة «إلى» ، بل وإن وقعت بلفظة «عن» كان المراد ما ذكرنا توفيقا بين الكلامين. ثمّ إنّ إطلاق الصحّة على تلك الطرق استعارة مصرّحة لُوحظت فيها علاقة المشابهة بينها و بين طرق الأخبار الصحيحة في كون رجالها كلّها ثقات ، والقرينة فيها واضحة. و في المعالم:
ربما يطلق الصحيح مضافا إلى راوٍ معيّن على خبر كان سنده إلى هذا الراوي متّصفا بصفات رجال الصحيح وإن لحقه بعد ذلك إرسال أو غيره من وجوه الاختلال ، مثل أن يقال: تدلّ على ذلك صحيحة ابن أبي عمير ، عن رجل ، عن الصادق عليه السلام . ۳
ولا يخفى ما فيه ؛ لأنّ قولهم «صحيح فلان» أو «صحيحة [ فلان]» مع كون الطريق ضعيفا من جهته أو من جهة غيره نقض للغرض المطلوب من تقسيم الخبر إلى الأقسام الأربعة وتضييع لاصطلاحهم على أفراد كل قسم منها باسم ليتميّز عن غيره ، على أنّ إطلاق الصحّة في نحو قولهم «صحيحة فلان» مع فرض ضعف السند واقع على
1.الخلاصة ، ص۲۷۷ و ۲۷۸.
2.المنتقى ، ج۱ ، ص۱۱ و ۱۲ .
3.معالم الدين ، ص۲۱۶. ليس نفس الألفاظ بل بعبارة اُخرى و مضمونه.