جواهر الکلمات فيما يتعلق بأحوال الرواة - صفحه 444

أقول: أنت خبير بعدم التأمّل في اعتبار المدح هنا ، بناءً على كون خبر الواحد من باب الظنّ ، وبأنّ الظنّ بصدق القول الحاصل من المدح المذكور سليم عن المعارض ؛ إذ ليس أن يحصل من ملاحظة رداءة فهمه وصف على خلاف ما حصل من كون ما له دخل في قوّة السند ككونه ۱ صالحا أو خيّرا.
وأمّا الرابع ـ وهو ما كان القدح من حيث السند والمدح من حيث المتن ـ فذهب المحقق البهبهاني إلى عدم اعتبار المدح في المقام ، بل يعدّ الخبر حسنا أو موثّقا لأجل عدم وجدان القادح ، على أنّ الأصل عدم قدح يوجب وهن الخبر ، وفيه نظر ؛ بل الحق هو التفصيل المتقدّم بين ما كان للقدح قوّة يضمحلّ المدح في مقابله فيعتبر به في المقام وإلاّ فلا ، فتأمّل. ۲
[4 .] ومنها: قولهم «فلان شيخ الإجازة» ، اعلم أنّ العلماء اختلفوا في هذه العبارة على أقوال ثلاثة: قيل بأنّها من الألفاظ الدالّة على عدالة الراوي ، بل المحكيّ عن بعض: أنّه يدلّ على أنّ الراوي في أعلى مرتبة العدالة ۳ فيصير الحديث به صحيحا بل الصحيح الأعلى ، وقيل بأنّه من الأمارات الدالة على الحسن ، وقيل بالتفصيل فإن كان من استجاز منه ممّن يَطعن على من روى عن المجاهيل والضعفاء وغير الثقات فدلالته على العدالة في غاية القوّة خصوصا إذا كان المستجيز من المشاهير كالشيخ الطوسي ونحوه ، ولكن أنت خبير بأنّ مقتضى الأصل هو عدم الدلالة على العدالة ؛ لأنّ دلالة الألفاظ على المعاني بالوضع إمّا بوضع لغويٍ أو عرفيّ عامٍّ أو خاصّ ، والكلّ مدفوع بالأصل محتاج إلى دليل ، وأنّى لك بإثباته بالنظر إلى هذه العبارة؟! على أنّا نقول: دلالتها على العدالة إمّا بطريق المطابقة أو التضمّن أو الالتزام ؛ لا سبيل إلى الأوّل لعدم [كون ]مدلولها عين العدالة ، ولا إلى الثاني لعدم كون العدالة جزءً من مفهوم هذه العبارة ، ولا إلى الثالث ؛ لعدم اللزوم عقلاً لأنّه لم يمتنع كون الرجل من مشايخ الإجازة مع كونه فاسقا ، ولا شرعا لعدم ورود دليل من الكتاب والسنّة على لزوم الحكم بعدالة شيخ

1.الف و ب : لكونه .

2.انظر: منهج المقال ، ص۱۰۱ ـ ۱۰۴ .

3.قال المحقق البحراني (الماحوزي) في معراج أهل الكمال ، ص۶۴ : والظاهر أنّهم في أعلى طبقات الجلالة والوثاقة.

صفحه از 500