جواهر الکلمات فيما يتعلق بأحوال الرواة - صفحه 460

رواياته مدّعيا لتشكيكه بالنظر إلى سائر أنواع التخليط بالتشكيك المرادي. هذا مضافا إلى دعوى استعماله في معناه اللغوي ـ أي مطلق المزج ـ وإرادة الخصوصيّة ـ أي المزج بين الغثّ والسمين ـ من الروايات من الخارج ، فعليه دار الأمر في قولهم «مخلّط» بين الحقيقة والمجاز ، وظاهر أنّ الأوّل مقدّم على الثاني ، فتدّبر.
[15 .] ومنها: قولهم «فلان ليس بذلك الثقة» أو «ليس بذلك العدل» أو «ليس بذلك النقيّ». اعلم أنّ الظاهر من أهل الدراية كما في دراية الشهيد أنّ هذه العبارات من أمارة الجرح ، ۱ وفيه نظر ؛ فإنّه لو لم نقل بإفادتها نوع مدح ـ كما هو المستفاد منها عند أهل العرف ـ فلا نقول في إفادتها الجرح قطعا ، فتدبّر.
[16 .] ومنها: قولهم «ليس بذلك» ، وفيه تأمّل ؛ لاحتمال أن يُراد: ليس بحيث يوثق به وثوقا تامّا وإن كان فيه نوع وثوق ، كقولهم «ليس بذلك الثقة» ، ولعلّ هذا هو الظاهر من العبارة فيدلّ على نوع مدح بلا شبهة ؛ كذا قال بعض المحقّقين. ۲
[17 .] ومنها: قولهم «مضطرب الحديث» و «مختلط الحديث» و«ليس بنقيّ الحديث» و«يعرف حديثه وينكر» و«غمز عليه في حديثه أو في بعض حديثه» و«ليس حديثه بذاك النقي» ، وأنت خبير بأن أمثال هذه العبارة ليست ظاهرة في القدح في العدالة بلا تأمّل وشبهة ، فليست من أسباب الجرح / 76 / وضعف الحديث على طريقة المتأخّرين. نعم قد يستفاد منها نوع مرجوحيّة ، وبينها أيضا تفاوت ؛ فالأوّل أشدّ بالنظر إلى الثاني و الثاني إلى الثالث وهكذا ، فتدّبر وتأمّل.
[18 .] ومنها: قولهم «كان من الطيّارة» و«أهل الارتفاع» ونحوهما. اعلم أنّ جملة من جلّة المتأخرين صرّحوا بأنّ جمعا كثيرا من المتقدّمين سيّما القميّين من القدماء كانوا معتقدين للأئمّة منزلةً خاصّةً من الرفعة والنباهة ومرتبة معيّنة من العصمة ۳ والجلالة بحسب فهمهم من الآيات والأخبار ، فالتعدي من هذه المرتبة المخصوصة كان عندهم ارتفاعا عن الطريق الحقّ وغلوّا في حق الأئمّة عليهم السلام ، فيحكمون بكفر من

1.الدراية للشهيد الثاني ، ص۷۹ ؛ الرعاية ، ص۲۰۹ .

2.منتهى المقال ، ج۱ ، ص۱۱۵ ؛ والسيد الأعرجي الكاظمي في عدّة الرجال ، ص۳۱ .

3.ب: ـ من العصمة.

صفحه از 500