الثاني: سلّمنا الأخذ المذكور ، تسليما رافعا ۱ للنزاع في الاصطلاح ، لكن نقول: إنّ الظاهر أنّ المخالف الذي أجمعت ۲ العصابة المحقّة على / 85 / العمل بروايته لا يكون عادةً إلاّ عادلاً في مذهبه وإن أمكن عقلاً أن يكون فاسقا في دينه ، على قياس ما قلنا في قولهم «فلان أجمعت العصابة» و«فلان شيخ الإجازة». ثمّ إنّه يشيّد أركان ما قلناه قول اُستاد الفحول في الفقه والاُصول:
إنّ الظنّ الحاصل من عمل الطائفة أقوى من الموثّقية بمراتب شتّى ولا أقلّ من التساوي، وكون العمل برواية الموثّق من جهة عدالته محلّ تأمّل، انتهى كلامه ۳ .
ثم إنّه ربما جعل ذلك النقل عن الشيخ إخبارا منه بتوثيقه ، ولذا حكموا بكون علي بن أبي حمزة موثّقا بمجرد ذلك النقل ، بل ربما جعل ذلك عنه شهادة منه ، وفيه نظر ؛ لأنّه إنّما يكون ذلك شهادةً أو خبرا لو كان العبارة دالّةً بإحدى الدلالات الثلاث على قصد المتكلّم ۴ التوثيق وهو ممنوع ؛ إذ ليس في العبارة بحسب الوضع اللغوي أو الاصطلاحي دلالة على ما زعمت.
[2 .] ومنها: أن ينقل غير الثقة حديثا دالاًّ على وثاقة الراوي أو جلالته أو مدحه في بيان مقام حاله كما يظهر من كثير من التراجم ؛ فإنّه لا شك في حصول الظنّ بكون الراوي متّصفا بما يتضمّن الحديث وإن لم يبلغ إلى الصحة كأن يكون حسنا أو موثّقا ، ولكن إذا تأيّد الحديث باعتداد المشايخ ونقلهم إيّاه في بيان حال الراوي ـ مع عدم إظهار تأمّل أحد من المشايخ فيه الظاهر من اعتمادهم على الحديث ـ حصل للظنّ قوّة معتدّ بها كما لا يخفى.
[3 .] ومنها: أن يروي الراوي لنفسه حديثا دالاًّ على أحد الاُمور المذكورة ، ولا شك أنّ هذا أدون من سابقه ؛لكون حصول أصل الظنّ منه موقوفا على نقل المشايخ إيّاه عند ذكر حال الراوي مع اعتدادهم والاعتماد عليه ، بخلاف السابق كما لا يخفى .
فإن قلت: إنّ هذا شهادة لنفسه ، وكلّما كان كذلك فقبوله في حيّز المنع.
1.الف و ب : دافعا .
2.الف : اجتمعت . وكذا المورد الآتي .
3.منهج المقال و تعليقته ، ص۱۱ .
4.الف و ب : على المتكلم قصد .