جواهر الکلمات فيما يتعلق بأحوال الرواة - صفحه 482

صدورها أمر حادث والأصل تأخّرها ، فيحكم بصدورها حال العدالة بالأصل ، قلنا بأنّ الرجوع أيضا أمر حادث فالأصل تأخره .
والحاصل أنّه يمكن أن يقال بالنظر إلى كلّ رواية: إنّ الأصل بقاء هذا الرجل على الفطحيّة ، فكما أنّ مقتضى الأصل تأخّر صدور الرواية المستلزم لصدورها حال العدالة كذا الرجوع أيضا أمر حادث ، فالأصل تأخّرها المستلزم لصدورها حال الفسق فيتعارض الأصلان.
وأمّا القول الثاني: فلأنّ قوله «الوجه ردّ روايته» انتهى ممّا لا وجه له ، بل التأمّل فيما ذكرنا شاهد بأن الوجه قبول روايته متى علم أنّها بعد الرجوع، والردّ للباقي.
وممّا يشيّد أركان ما ذكرنا مع فوائد زائدة قول اُستاد الفحول في الفقه والاُصول:
الأظهر رجوع علي بن أسباط بن سالم كما قاله النجاشي والخلاصة ، والنجاشي أضبط من الكشيّ ؛ بناءً على دعوى النجاشي بعنوان الجزم ، والكشّي ۱ حكاه عن غيره ، مع أنّ الشهادة على الرجوع أقوى دلالةً من الشهادة على البقاء ـ إلى أن قال: ـ ولكن عدُّ حديثه من الصحاح مشكل ؛ لعدم معلوميّة صدوره عنه بعد الرجوع ، ولذا حكم بكونه من الموثّقات ؛ لكن كثير من الأجلّة كانوا فاسدي العقيدة ۲ ثمّ رجعوا ، كعبداللّه بن المغيرة وغيره ، ومع ذلك لا يتأمّلون في تصحيح حديثهم ، ومرّ التحقيق في الفوائد ، انتهى كلامه . ۳
وأمّا حكم الصورة الرابعة: فبعد التأمّل فيما قلنا في الثالثة يظهرلك أنّ مرجع حكم هذه الصورة أيضا إلى تعارض الأصلين ، ولكن أنت خبير بأنّ ما قلنا في هاتين الصورتين من تعارض الأصلين في البين إنّما يستقرّ في محلّه إذا لم يوجد أمارة اجتهادية موجبة للظنّ بأحد الطرفين ، فإن وجدت أمارة ظنيّة فنعتمد عليها كائنا ما كان.
وأمّا الصورة الخامسة: فحكمها بعد التأمّل في باقي الصور لا يحتاج إلى الإظهار عند ذوي البصائر والاعتبار. وبالجملة قد عرفت أنّ الأمر في أمثال المقام يدور مدار المظنّة ، فكلّما يفيده الظنّ فهو المتّبع ردّا كان أو قبولاً.

1.الف : النجاشي .

2.في التعليقة : كانوا على الفساد .

3.التعليقة ، ص۲۲۶ ؛ منتهى المقال ، ص۳۴۹ و ۳۵۰ .

صفحه از 500