الفوائد الرجالية - صفحه 359

وأمّا اختلافهم في الكاشف عن العدالة فلا يضرّ أيضاً ؛ لما مرّ من أنّ العدالة التي تعتبر هنا هي ما توجب الثقة والاعتماد ، ولا يحصل ذلك من مجرّد ظهور الإسلام مع عدم ظهور الفسق ، بل من مجرّد حسن الظاهر أيضاً ، بل لا يحصل إلاّ مع العلم أو الظنّ بالملكة المذكورة ، فقولهم : «فلان ثقة» ، لا يحتمل الاعتماد فيه على ظهور الإسلام مع عدم ظهور الفسق أو حسن الظاهر ، بل لابدّ أن يكون اعتمادهم فيه على ظهور الملكة .
واختلافهم في عدد الكبائر غير قادح أيضاً ؛ فإنّ الوثوق لا يحصل إلاّ بمن كان له ملكة والاجتناب عن جميع الذنوب ؛ إذ من يصدر عنه الذنب ـ ولو كان صغيرة ـ لا يحصل الوثوق به من كلّ وجه ، فلا أقلّ من هذه الجهة فالحكم بتوثيق الرجل على الإطلاق لا يتمّ إلاّ بعد ظهور ثبوت ملكة اجتناب المعاصي له ، وإذا كان له هذه الملكة فلا محالة يكون له ملكة اجتناب الكبائر ولو كان ممّا اختلف في كونه كبيرة ؛ لأنّه إمّا أن يكون عمل الرجل معصية أم لا ؛ فإن كان الأوّل فله ملكة الاجتناب عنه ، وإن كان الثاني فلا يضرّ فعله بعدالته ؛ لكونه مباحاً ، وإن كان حراماً في الواقع فيكون مرتكباً للمباح لا للحرام ، ففعلُ المعصية في الجملة وإن لا يضرّ بعدالة الرجل ، لكنّه يقدح في الوثوق به من كلّ وجه ، كما هو الظاهر من قولهم : فلان ثقة .
فيظهر من جميع ما ذكر أنّ الظاهر من توثيق علماء الرجال إرادة ما يلزم العدالة عند الكلّ ولو لم يكن لنا إلاّ اتفاق الطائفة على قبول التعديل من أهل الرجال ، ولو كان بدون ذكر السبب لكفانا في قبول قولهم مع عدم ذكره ؛ لكشفه عن إرادة ما اتّفق عليه كلمتهم ، فلا إشكال أصلاً ولو على القول باعتبار ذكر السبب . هذا ما ذكره بعض الأماجد وإن كان مثل الجواب من المحقّق القمي ، ولكنّه فتح الوالد المحقّق باب الإيراد عليه ، إلاّ أنّ بعضها بل غالبها بل أغلبها غير خالٍ عن المقال ، ولكنّه لا بأس ببعضها .
مثل أنّ المحقّق السبزواري نفى القول بالملكة ممّن تقدّم على العلاّمة وقال : «إنّ الظاهر أنّ العلاّمة اقتفى في ذلك لكلام الرازي ومن تبعه من العامّة» ۱
والعلاّمة

1.كفاية الأحكام ، ص۲۷۹ ، طبعة حجرية .

صفحه از 490