للمجتهد ـ بملاحظة الإجماع على عدم اعتبار الظنّ الناشئ من قول الفقيه الواحد للمجتهد ـ ففيه :
أوّلاً : أنّ الإجماع محلّ المنع ، كيف وقد حكى الشهيد في الذكرى عن الأصحاب «أنّهم كانوا يتمسّكون بفتاوى ابن بابويه في الشرائع عند إعواز النصوص ؛ لحسن ظنّهم ، وأنّ فتواه كروايته» ۱ وهذا لو لم يقتض الإجماع على الجواز فلا أقلّ من الشهرة ، بل يرشد إلى الجواز ذكر الصدوق فتاوى والده ـ أعني ابن بابويه ـ في رسالته إليه حيث إنّه قد تعهّد في فاتحة الفقيه أن لا يورد فيه إلاّ ما يفتي به ويحكم بصحّته ويعتقد أنّه حجّة فيما بينه وبين ربّه ۲ ، بناء على عدم الرجوع عنه .
وقال في الذكرى عند الكلام في موالاة الوضوء : «وفي مَن لا يحضره الفقيه اقتصر على حكاية كلام والده ، وظاهره اعتقاده» ۳ والشرائع إنّما هي الرسالة على ما يقتضيه كلام النجاشي وغيرها كما هو ظاهر الفهرست وكلام بعض الأعلام .
وحكى في الذكرى عن ابني بابويه كفاية كون الحائط على يسار المصلّي في استحباب التسليمتين إلى جانب اليمين واليسار فقال : «فلا بأس باتّباعهما ؛ لأنّهما جليلان ولا يقولان إلاّ عن ثبت» . ۴
وثانياً : أنّ الإجماع إنّما هو في باب استنباط الأحكام الشرعيّة ، وأمّا الظنون الرجاليّه فليس الإجماع على عدم اعتبار الظنّ الناشئ من قول الفقيه فيها بثابت .
فيه كلام مع الوالد المحقق
هذا ما ذكره الوالد المحقّق ، ولكنّي أقول : إنّ في كلا الجوابين نظر :
أمّا الأوّل ففيه :
أوّلاً : قوله : «إنّه لو كان الظنّ الناشئ من التصحيح غير معتبر لما كان الظنّ المتحصّل
1.الذكرى ، ص۴ .
2.الفقيه ، ج۱ ، ص۳ ، المقدّمة .
3.الذكرى ، ص۹۱ .
4.الذكرى ، ص۲۰۸ .