المدخل الي دراسة نصّ الغدير - صفحه 102

دلالة نصّ الغدير

ولسنا نحتاج أن نقف كثيرا عند دلالة (نص الغدير) ومعنى المولى ولو أنّ الإنسان تجرد عن الخلفيات التاريخية لمسألة الخلاف على الإمامة والخلافة من بعد رسول اللّه(ص) لم يتوقف كثيرا في دلالة الحديث.
ولو أنّ بعض هذا الإعلان والإشهار كان صادرا من رسول اللّه(ص) في غير هذاالأمر الذي اختلف فيه المسلمون أشد الاختلاف، ودخل فيه العامل السياسي فعمّق الخلاف … أقول لو كان بعض هذا الإعلان والإشهار صادرا عن رسول اللّه(ص) في غير هذاالأمر لما اختلف فيه أحد من المسلمين.
فليس من المعقول ولا من المألوف أن ينزل رسول اللّه(ص) بجماهير المسلمين الذين يربو عددهم على مأة ألف في ذلك الهجير الصائف من طريق عودة الحجيج إلى بلادهم، ويأخذ بيد عليّ (ع) أمام هذا الحشد الكبير حتى يتبين آباطهما، ويشهر ولايته(ع) عليهم كولايته(ص) عليهم، إعلانا، وإشهارا، ويأمرهم أن يبلّغ الشاهد الغائب … ثمّ يتزاحم المسلمون على عليّ(ع) ليهنئوه بالولاية … ثم لايكون لذلك دلالة على «الوصيّة»، ولايزيد هذا الأمر كله على التذكير بفضائل عليّ(ع)، وردّ الاعتبار إلى الإمام عليّ(ع) عن شكوى أسرّ به بعض الأصحاب إلى رسول اللّه(ص) في جفوة كانت بينه وبين عليّ(ع) في طريق عودتهم من اليمن … كما يقول الحافظ أبوالفداء بن كثير في البداية والنهاية (5/227 حوادث سنة10هـ).
يقول أبوالفداء:
فصل في إيراد الحديث الدّال على أنّه(ع) خطب بمكان بين مكة والمدينة مرجعه من حجّةالوداع قريب من الجحفة ـ يقال له غديرخم ـ فبيّن فيها فضل عليّ بن أبي طالب وبراءة عرضه مما كان تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن.
ولاأعتقد أنّ الحافظ أباالفداء بن كثير كان يرتضي لنفسه مثل هذا التسطيح والتبسيط للتاريخ بهذه الصورة لو كان هذا الإعلان والإشهار في غير هذا الأمر من أمور المسلمين، ولم يكن محملا بهذه التبعة التأريخية الثقيلة من الحساسيات السياسية التي تراكمت حول قضية الخلافة السياسية بعد رسول اللّه(ص).

صفحه از 114