الشّهود ۱ و هو عين الكشف و الشّهود؛ إذ حقيقةُ العقلِ حقيقة نوريّة و الحقيقةُ النوريّةُ هي بعينها كشفٌ و شهودٌ و لهذا قد قابلوا في الرّوايات بين العقل و الجهل، و إذا أُطلقتِ الحجّةُ على الأقيسةِ المنطقيّةِ و المقدّماتِ الميزانيّة لكونها واسطةً في الإثبات و الكشف، فإطلاقها عَلى نفسِ الكشف و حقيقةِ الشّهود يكون بالأولويّة كما قالت الحكماءُ إنّ إطلاقَ الأبيضِ على البياضِ و الموجودِ على الوجودِ و الأسودِ على السّوادِ أولى من الغير، إذ بواسطة عروض البياض على الجسم يصحّ إطلاق الأبيض عليه فهو بنفسه أولى بذلک الإطلاق، فهكذا ما نحن فيه. و الغرض و هي الحجّة الداخليّة الإلهيّة كما ورد عليه الأخبار في الكافي و غيره من أنّه رسولُ اللهِ الداخليُّ و حجّةُ الله الباطنيّ و هو الشّرع الدّاخلُ كما أنّ الشّرعَ هو العقلُ الخارجُ و ليسَ شغلُ الأنبياءِ و تابعيهم إلّا تنبيه النّاسِ عَلى عقلِهم و الحجّةِ الذاتيّةِ الّتي فيهم بالمنبّهات و المذكّرات حتّى يصيرَ علمهُمُ البسيطُ مركّبآ. فإنّ كلَّ عاقلٍ له علم بسيط بعقله و حجّيّته، كيف و هم دائمآ يوزِنون المعلومات به، إلاَّ أنّهم لايشعرون به تركيبآ، فالأنبياءُ قد أُرسلوا إلى أن يجعلوا العلومَ البسيطةَ مركّبةً بإبداءِ المنبّهاتِ و إيجادِ المذكّراتِ حتّى تتوجَّهَ النفوسُ الإنسانيّةُ إلى ما أودعَ اللهُ فيهم. فمتى شعروه تركيبآ و لم يعصوه، يرون الحقائق و المعارف من دون كلفةِ إستدلالٍ و لا تَجَشّمِ برهانٍ. فقد ظهر للمتفكّر البصيرِ و العاقلِ الّذي يرجع إلى نفسه بالرّجوع العميق أنّ عقلَ كلَّ عاقلٍ أمرٌ ضروريٌّ له و مكشوفٌ له بالوجدان و ظهر أنه حجّةٌ بالذّات و أنّه هو الفاروق بين الحقّ و الباطل و الحجّة عَلى كل جاحدٍ و معاندٍ و المميّز بين الخيرِ و الشرِّ و الفاصل
1.. عباراتى كه زير آنها خط كشيده شده، افزودههاى مرحوم ميرزامهدى اصفهانى است به تقريراتشاگردش شيخ محمود حلبى.