اجاره - صفحه 9

الفصل الأوّل : حكمة الإجارة

الكتاب

«نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ رَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ » . ۱

الحديث

۱.الإمام عليّ عليه السلامـ في بَيانِ أصنافِ آياتِ القُرآنِ ـ :وأمّا ما جاءَ في القُرآنِ مِن ذِكرِ مَعايِشِ الخَلقِ وأسبابِها فَقَد أعلَمَنا سُبحانَهُ ذلِكَ مِن خَمسَةِ أوجُهٍ : وَجهِ الإِمارَةِ ، ووَجهِ العِمارَةِ ، ووَجهِ الإِجارَةِ ، ووَجهِ التِّجارَةِ ، ووَجهِ الصَّدَقاتِ ... وأمّا وَجهُ الإِجارَةِ فَقَولُهُ عز و جل : «نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ رَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ »فَأَخبَرَنا سُبحانَهُ أنَّ الإِجارَةَ أحَدُ مَعايِشِ الخَلقِ ، إذ خالَفَ بِحِكمَتِهِ بَينَ هِمَمِهِم وإرادَتِهِم وسائِرِ حالاتِهِم ، وجَعَلَ ذلِكَ قِواما لِمَعايِشِ الخَلقِ ، وهُوَ الرَّجُلُ يَستَأجِرُ الرَّجُلَ في ضَيعَتِهِ وأعمالِهِ وأحكامِهِ وتَصَرُّفاتِهِ وأملاكِهِ .
ولَو كانَ الرَّجُلُ مِنّا يُضطَرُّ إلى أن يَكونَ بَنّاءً لِنَفسِهِ أو نَجّارا أو صانِعا في شَيءٍ مِن جَميعِ أنواعِ الصَّنائِعِ لِنَفسِهِ ، ويَتَوَلّى جَميعَ ما يَحتاجُ إليهِ مِن إصلاحِ الثِّيابِ وما يَحتاجُ إلَيهِ مِنَ المَلِكِ فَمَن دونَهُ ، مَا استَقامَت أحوالُ العالَمِ بِتِلكَ ، ولَا اتَّسَعوا لَهُ ، ولَعَجَزوا عَنهُ . ولكِنَّهُ أتقَنَ تَدبيرَهُ لِمُخالَفَتِهِ بَينَ هِمَمِهِم ، وكُلَّ ما يَطلُبُ مِمّا تَنصَرِفُ إلَيهِ هِمَّتُهُ مِمّا يَقومُ بِهِ بَعضُهُم لِبَعضٍ ، ولِيَستَغنِيَ بَعضُهُم بِبَعضٍ في أبوابِ المَعايِشِ الَّتي بِها صَلاحُ أحوالِهِم . ۲

1.الزخرف : ۳۲ .

2.وسائل الشيعة : ج ۶ ص ۳۴۱ ح ۱۲۵۶۰ و ج ۱۳ ص ۲۴۴ ح ۲۴۲۴۵ كلاهما نقلاً عن السيد المرتضى في رسالة المحكم والمتشابه عن تفسير النعماني ، بحار الأنوار : ج ۹۳ ص ۴۶ نقلاً عن رسالة النعماني .

صفحه از 41