المراتب في فضائل عليّ بن أبي طالب(ع) - صفحه 128

والسَّبقُ في الإسلام غاية الفضل في الصَّحابة ، فله هذه المزيّة ، والمشايخ لايشاركونه فيها .
وروينا أنّه قال صلى الله عليه و آله له :
«لو وُزِن إيمانُ عليٍّ بإيمانِ أهل الأرض لترجَّحَ» .
وأهل الحشو ۱ تروي في أبي بكرٍ مثل هذا ، والعقلُ يمنعُ من أن يكون لعليٍّ السبقُ عليه ، وإيمانه أرجَح من إيمان عليٍّ ، وعند هذا دفع أبو عثمان الجاحظ ۲ إلى أن قال : «كان إسلامه إسلام الصبيان وعن تقليدٍ ، وإسلامُ أبي بكرٍ عن بَصيرة»!!
وهذا جهلٌ ؛ فإنّ عليّاً افتخر بإسلامه ، وذكره النبيّ في مدحه ، فلو كان ذلك تقليداً لما صحّ هذا .
وبعدُ ، فلو دعاه الرسول وهو غَيرُ كاملِ العقل ، لكان ذلك طعناً في نبوّته ، وذلك أنّ الكفّار كانوا يقولون : «بدأ بامرأته وبصبيٍّ من أهل بيته لا خِبرة له» ، فكان يَقدحُ ذلك في حاله! فَعلِمنا أنّه دعاه وله من العقل ما يُميّز بين المُعْجِز والحيلة ، والنبيّ والمُتنبئ ، وَالمُشرك والموحِّد ، وهذا يوجبُ نقض العادة فيه في إكمال عقله على الصَّبا ، وشابهَ المسيح عيسى عليه السلامفي كمال العقل على الصِّغر ، فهو كرامةٌ له ، ومعجِزٌ لرسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ومعجِزٌ لعليٍّ .
على أنّا قد حقّقنا في عليٍّ أنّه عاش ـ كما رواه الصادق عليه السلام ـ ستّاً وستّين سنة ،

1.لقبٌ ينبزُ بها أصحابُ الحديث و السلفيّين من العامّة ـ خاصّةً الحنابلة قديما والوهابية حديثا ـ أصحابَ العقائد الواهية المبنيّة على ضعاف الأخبار و آحادها ، و البعيدة عن روح الشريعة الإسلامية السمحة ، والمنطق العلمي القويم ، وتقول بالجبر والتشبيه والتجسيم وغيرها من البدع الباطلة . وللمزيد عنهم راجع مجلة علوم الحديث : عدد السابع ، السنة الرابعة ، (ص۱۱ ـ ۶۵) .

2.هو عمرو بن بحر بن محبوب البصري ، أبوعثمان الجاحظ ، من الأعلام المشاهير ، اتُّهم بأنّه يَكتب بالاُجرة ، فيكتب الكتاب و يكتب ضدَّه ، كان عثماني الهوى ، و اشتهر بنُصبه وعدائه لأهل البيت عليهم السلام ، طال عمره ، و أصابه الفالج في آخر عمره ، ومات بالبصرة سنة ۲۵۵ه .

صفحه از 236