المراتب في فضائل عليّ بن أبي طالب(ع) - صفحه 129

وروى الناسُ ثلاثاً وستّين سنة ، فنأخذ بالأقل ، وعاش النبيُّ بعد الدَّعوة ثلاثة وعشرين سنة ، وبقي عليٌّ بعده تسعاً وعشرين سنةً وستّة أشهر ، فهذه اِثنتانِ وخمسونَ سنة وستّة أشهر ، يبقى إلى ثلاثٍ وستّين عَشرُ سنين وستّة أشهر ، ومثله في هذا السنّ ليس بعجيبٍ أن يكون متقدّماً في العلم ؛ فإنّ في أولادنا مَنْ قد يَكْمُل على هذه السنّ ، والنساء يَبْلُغنَ عليها ، فكيف يُجعَلُ صِغره طعناً؟!
ولإسلامه فضيلةٌ اُخرى لا توجد في إسلام المشايخ ، وهو أنّ إسلامَهُ عن فطرةٍ ، وإسلامهم عن كُفرٍ ، وما يكونُ عن الكفر لا يَصْلُحُ للنبوّة ، وما يكون عن الفطرة يَصلحُ لها ، ولهذا قال صلى الله عليه و آلهلعليٍّ :«إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ، ولو كان لَكُنْتَه» .
ومثل هذا لو رُوي في غيره لَكنّا نعلم بالعقل أنّه كذبٌ موضوعٌ ؛ إذ كلٌّ منهم لم يؤمن إلاّ عن الكفر ، ولا يصلحُ إيمانه للنبوّة .
ولإيمانه خَلَّةٌ ثالثة تفرّد بها ، وهو أنّه مقطوعٌ على باطنه ، معلومٌ أنّه وليُّ اللّه ، والقوم إسلامهم على الظاهر .
ولا يَصحُّ التعلّق بقوله : «عَشَرةٌ في الجنّة» ؛
لأنّ ذلك إخبارٌ عن الحال لا عن العاقبة عند شيوخنا ۱ ، فإنّ فيهم طلحةَ والزُّبير ، وقد فَسقا بخروجهما على أمير المؤمنين ، ونَكْثِهما بيعته ، سواء قيل إنّهما تابا أم لا .
وبعد ، فلأنّ عثمان وعُمَرَ انهزما يوم اُحُدٍ ، وتركا رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ونكثا بيعة الرِّضوان ، وفي عليٍّ ذلك اليوم حديثُ ذي الفِقار ، و[هو] حديثُ «لا فَتى إلاّ عَليّ ، ولا سَيف إلاّ ذُو الفقار ۲ » .
وفيه أنّ جبرئيل قال لرسول اللّه صلى الله عليه و آله : هذا هو المواساة؟

1.يقصد بهم شيوخ المعتزلة .

2.تاريخ الطبري : حوادث السنة الثالثة ، وقعة اُحد .

صفحه از 236