المراتب في فضائل عليّ بن أبي طالب(ع) - صفحه 130

فقال : «مَنْ أولى بها مِنْهُ ، وهو منّي وأنا منه كهارونَ مِن موسى ، اللّهمَّ اشْدُدْ أزري بعليٍّ ، كما شَدَدت أزْرَ موسى بهارون» .
فكيف يُقطَعُ على باطن قومٍ كانت منهم هذه الاُمور؟
وقوله : «لقد رَضي اللّهُ عَن المؤمِنينَ إذ يُبايِعُونَك تَحْتَ الشَّجَرَة» ۱ فإخْبارٌ عن الحال ، وَرِضىً منهم ببيعتهم ، وعِلْمُ ما في قلوبهم مِن الإخلاص له في الحال ، وليس فيه أنّهم يبقون على ذلك الرضى أبدا .
وله مزيّةٌ اُخرى في باب الإيمان ، وهي أنّه بقي بعدهم ، وعَمَّر طريق مكة ، وأخرج بِيَنْبُعَ مئة عينٍ ، واشترى ببعضها ألف نسمةٍ فأعتقها ، وَوَقف الباقي إلى يومنا هذا ، وكان مع ذلك يَصومُ النهار ، وَيُصلّي في الليل والنهار ألفَ ركعةٍ ، وجاهد الناكثين والقاسطين والمارقين ، وسنَّ السِّيَر والأحكام ، وبثَّ العِلم ، ونَشَر الخُطَب والمواعظ ، وكلّ ذلك مزايا لإيمانه على إيمان القوم ، فهذا الاشتراك يفوقهم بستّ خصالٍ تَفرّد بها .
وهناك خَلَّةٌ اُخرى للمشايخ يَفضُلُون بها على مَن ليس في درجتهم ، وهو السَّبق في الإسلام ، فهم في معنى قوله : «وَالسّابِقُونَ السّابِقُون أولئِكَ المُقَرّبون »۲ فلأبي بكرٍ سَبقٌ ، وَلعثمانَ ولعُمَر ، ثمّ أربعين من المسلمين ، لكن هو أسبقُ السابقين ، فقد شاركهم في السَّبق ، وانفرد بكونه أسبق .
وهو أسبقهم في أشياء :
منها : السَّبقُ في الإسلام على ما مضى .
ومنها : السَّبقُ في الصَّلاة ، على ما قال في خُطبة البصرة على المنبر :
«أنا عَبدُ اللّهِ ، وأخوُ رسولِ اللّه ، وأنا الصِّدّيقُ الأكبر ، وأنا الفارُوقُ الأعظم ، لا يقوله

1.سورة الفتح ، الآية ۱۸ .

2.سورة الواقعة ، الآية ۱۰ .

صفحه از 236