وتَصدّق بها ، وعلمنا أنّه كان يأخذ الغنائم لنفسه وفرسه ، ويأخذُ سَلَب الكفّار بقوله عليه السلام : «مَنْ قَتَل [قتيلاً] فله سَلَبُه» ۱ ، وكان يأخذُ الخمسَ من الغنيمة في أيّام المشايخ ، ممّا يقع بأيدي المؤمنين من أموال الكفّار ، بسهم ذوي القربى ، ثمّ جاهد بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آلهالناكثين والمارقين والقاسطين ، وكلَّ ذلك أنفقَ في [سبيل ]اللّه ، ولم يترك إلاّ ثمانمئة درهمٍ فضل عطائه ، عَزَله ليشتري لأهله جاريةً ، ثمّ لم يُذْكَر الشيخين بحالٍ [كما] ذُكر خاتم أمير المؤمنين . روى عبد اللّه بن جعفر أنّ رجلاً شتم عليّاً عليه السلام ، ثُمّ جاءه يسأله حاجةً فقضاها ، [فاعترضه] أصحابه فقال :
«أنا أستحيي أن يغلب جهلُه علمي ، وذنبه عفوي ، وسؤاله جودي» .
وأجمعَت العترة أنّه كان من الأجواد ، وأكثرَ جوداً من الشيخين ، وكفاك في جوده أنّه تعالى جعل كلّ المؤمنين في القيامة في دعوته . . . ۲ في الدنيا ، في قوله : «إنّ الأبرار يشربون مِنْ كأسٍ كان مزاجها كافوراً »۳ ثمّ بيّن لمن ذلك ، فقال : «عيناً يَشْرَبُ بها عبادُ اللّهِ يُفجّرونَها تَفْجيرا » بيّن أنّهم يستخرجونها ، وهم الّذين يوفون بالنذر ، وكفاك في جوده أنّ الليلة الثالثة جاءه أسيرٌ من الكفّار ، وهو عدوّ اللّه وعدوّ رسوله ونبيّه ودينه ، لمّا سأله باللّه لم يَرُدّه على صعوبة الحال [وشدّة ]الحاجة ، تقرّباً إلى اللّه ، ومحبّةً لإطعام الطعام .
ومثل هذه المزايا في الإنفاق لا توجد في فعل المشايخ ، [ لِ ] أنّه مشاركٌ للشيخين وزاد عليهما بما ذكرنا ، وليس للخصم آيةٌ ولا خبرٌ يُصرّح بجودهم ، ولو كان مساوياً لهم [ولم يثبت له] الفضل عليهم في باب الدين والعلم لكفانا ذلك ، وكيفَ وقد ثبت الرجحان . وفي حديث أبي هريرةَ : إنّه كان بالمدينة مجاعةٌ ، ولم يكن معي طعامٌ ، مرَّ بي يومي وليلتي ، فأصبحتُ وسألت أبا بكر آيةً كنتُ أعرِفُ
1.السنن الكبرى ، ج۶ ، ص۳۰۷ .
2.كلمة مطموسة في الأصل .
3.سورة الإنسان ، الآية ۵ .