المراتب في فضائل عليّ بن أبي طالب(ع) - صفحه 144

قال : كان جبرئيل بأمر اللّه عز و جل ليزيل عن قلبك الشُّغل بي ، كما أزلتَ الشقاء عن قلب مقداد .
إلى غير ذلك ممّا يطول ذكره من جوده ، فقد بان لك بهذه الجملة مشاركة أمير المؤمنين لهم في فضائلهم ، وزيادته فيها عليهم ، فيما يتعلّق بالإمامة .
فأمّا مَنْ سواهم ، فإنْ تفرّد بخلّةٍ فَعليٌّ مساهمه نحو ولايةٍ ؛ فقد ولاّه على اليمن ، وولاّه سُورة البراءة وعَزَلَ أبا بكر ، وولاّه في خَيْبَر وما فيه من العجائب والمعجزات ، وولاّه الخُرُوج إلى بني زهرة ، حينَ نَزَل فيه وفي دابّته «والعادِياتِ ضَبْحاً» ۱ روا الزجَّاجُ وأهل التفسير أنّ ذلك فيه وفي دابّته .
وله مزيّةٌ ، فإنّه لم يولِّ عليه أحداً ، وما أخرجه إلى موضعٍ ولا تركه في قوم إلاّ ولاّه عليهم ، وأخرجه في إصلاح ما اُفسد ، وكان له أصحاب راياتٍ ، وقال أمير المؤمنين : «أنا صاحبُ رايته في الدُّنيا والآخرة» فشاركهم وزاد ، والمشايخ لم يكونوا أصحاب الرايات .
فقد بان لك أنّه تَجمَّع فيه ما تفرّق في الجميع ، وزاحمهم ۲ في كلّ شيء وقع الشركة فيه .
وهذا القَدْرُ كافٍ ، ولقد بلغ عشرين مزيّة فيما شاركهم فيه من الخصال الستّ المطلوبة في الإمامة ، على أنّه أفضل منهم في خِصال الفَضل ، وفي كمال الفضل الّذي فَضُلَ به على الصَّحابة ، وفيما يحتاج إليه في الإمامة ، فهذه ستُّ خصالٍ يَفتقرُ الإمام إليها ، هو أفضلهم فيها كلّهم .
فأمّا كونه أفضل في باب الثَّواب ، ففيه إجماعُ العترة ، وفيه قوله : «اللّهُمّ ائتني بأحبِّ خَلقك إليك يأكلُ معي مِنْ هذا الطير» ، فأتى عليٌّ فردَّه أنس أو جابر ، ثمّ أذن

1.سورة العاديات ، الآية ۱ .

2.هكذا تقرأ الكلمة في النصّ المخطوط ، وقد تُقرأ «زادهم» .

صفحه از 236