المراتب في فضائل عليّ بن أبي طالب(ع) - صفحه 154

فبقي عقيلٌ معه إلى أن مات ، ثُمّ بقي وحده إلى أن اُخذ يوم بدرٍ مع اُسارى الكفّار ، وخَلّى عنه رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وكان يقول له :
«إنّي اُحبّك حُبّين ، حبٌّ لك ، وحبٌّ لودّ أبي طالب لك» .
وأخذ حمزةُ جعفراً ، فلم يزل معه في الجهل والإسلام ، حتّى قُتل حمزة باُحد ۱ ، وأخذ[هُ] العبّاسُ والمصطفى ، وكان معه إلى يوم بدرٍ ، ثمّ فُقِد فلم يوقَفْ له على خبرٍ ، وأخَذَ الرسولُ عليّاً وله ستُّ سنين ، كسنّه حينما أخذه أبو طالب ، فربّته خديجةُ الكبرى والمصطفى إلى أنْ جاء الإسلامُ ، وله على الأقلّ عَشرُ سنين وستّة أشهر ، وعلى الأكثر ثلاثَ عشرة وستّة أشهرٍ ، وتربية خديجة أشرف من تربية فاطمة بنت أسدٍ ، لأنّها سيّدة نساء العالمين ، وكون الرَّسول سيّدُ الأوّلين ، ولم يزل كان مع الرَّسولِ ، إلى أن مضى إلى رضوان اللّه ، وبقي عليٌّ بعده ، فعليٌّ أخُ الرَّسول من وجهين :
أحدهما من جهة التربية لأنّ اُمّ عليّ اُمّه ، وأبو عليّ أبوه بالتربية ، ثمّ آخاه بأمر اللّه ، فأخٌ له من وجهين ، وابنٌ له من وجهين ، أوّلهما لأنّه ربّاه ، والثاني لأنّه خَتنهُ ۲ ، وخَتنُ الرجل ابنه ، ولهذا يُهنّأ الرجلُ إذا وُلِد له ابنه ، فيقال له الخَتَنُ ، ولا توجد هذه الخصيصةُ لأحدٍ من الصَّحابة ؛ الاُخوّة من وجهين ، والبنوّةُ من وجهين وتربيةٌ عندهم ، وأينَ والآخرين وتربية سيّدة نساء العالمين! ومن تَربّى في بيت الرسول يَخرجُ بخَلقِه وخُلقِه وعلمِه وأدبه وصيانتِه وعفّته وحيائه وكرمه ؛ فإنّه يَتَخلّق بهذه الأخلاق ، فهذه خمسُ خصالٍ في التربية لا يشاركه فيها أحدٌ من العالمين .

1.جاء في هامش المخطوط : «لم يُرد ـ واللّه أعلم ـ أنّ جعفرا كان مع حمزة عليهم السلام حتّى قُتل ، وأنّه لازمه فلم ينفكّ عنه ، فمن المعلوم أنّ جعفرا هاجر إلى الحبشة ، ولم يَعُد إلاّبعد قتل حمزة عليهم السلام وإنّما أراد أنّه لم يزل معه لمكان تلك التربية ، فلم ينفكّ حكمه عنها و سبقته إليها ، وحتّى لو رجع مثلاً وحمزةُ حيٌّ لانضاف إليه انضياف المُرَبّى إلى المُرَبِّي ، واللّه أعلم» .

2.خَتَنُ الرجل عند العامة زوج ابنته .

صفحه از 236