المراتب في فضائل عليّ بن أبي طالب(ع) - صفحه 168

قال : قُلت نعم ، هو أحبُّ إليَّ من نفسي .
فقال : أينَ تكون ـ يا عمّار ـ إذا خُضِبَتْ هذا من هذا؟ وأشار إلى رأسه ولحيته .
فلمّا فرغ وقد تترّب وجهه ، قال صلى الله عليه و آله : «قُم يا أبا تراب» ، وصار لقباً .
والأعداءُ طَلَبُوا مِن ألقابه وأساميه ما غَمَضَ ؛ ليُلقَّبوا بذلك ، فلم يجدوا غير هذا .
والسبب الثاني : أنّه سُئل الحسنُ بنُ عَليٍّ عليهماالسلام : لِمَ سُمّي أمير المؤمنين عليه السلامأبا ترابٍ وكُنّي به؟
فقال : على الخبير واللّهِ سَقَطْتَ ، كان أمير المؤمنين عليه السلاميُصلّي على كُثيّبٍ من الرَّمل ، وهو يُعفِّر خَدّيه ، فرآه رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيفعل ذلك .
فقال : إنّ اللّه يُباهي بمن يَصنعُ كَصنِيعة الملائكة ، والبِقاعُ تَشهد له .
فكان أمير المؤمنين ـ صلّى اللّه عليه ـ بعد هذا لا يتركه في سفرٍ ولا حضرٍ ، بل يفعله عند كُلّ صلاةٍ ، من نَفْلٍ وفرضٍ ، وتطوّعٍ واستسقاء ، وعيدٍ وكسوفٍ وخسوفٍ ، وكان يُعفِّر خدّيه ، ويطلبُ الغَريبَ من البقاع تشهدُ له في القيامة ، فكان الرسول صلى الله عليه و آلهإذا رآه ـ والتراب في وجهه ـ يقول : «يا أبا تُرابٍ افعل كذا» ، ويخاطبه بما يُريد .
ومن ألقابه : كونه أبُ الاُمّة ، لقول النبيّ صلى الله عليه و آله : «أنا وأنتَ يا عليّ أبوا هذه الاُمّة» .
وممّا ورد في قوله تعالى : «يُوفُونَ بالنَّذْر »۱ ، تشبيهاً له بإبراهيم صلى الله عليه و آله في قوله : «وإبراهيمَ الّذي وَفّى »۲.

1.سورة الإنسان ، الآية ۷ .

2.سورة النجم ، الآية ۳۷ .

صفحه از 236