صار كالحنايا ، وصام حتّى صار كالوتَر ، وعبدَ اللّهَ بين الركْنِ والمقام ، ثمّ لقي اللّهَ وفي قلبه بغْضُ عليٍّ ، لَكبَّه اللّه على منخريه في النار» .
قال قاضي القضاة رضى الله عنه : هذا الخَبرُ كما يدلُّ على شَرف عليّ عليه السلام ، يدلُّ أنّ الكبائر تُحبِطُ الأعمالَ ، وعلى أنّ بُغضَ عليٍّ كبيرةٌ .
وهذا الخبر يشتمل على فضائلَ ليست إلاّ له :
أحدها : شهادة الرسول بباطنه ، أنّه يُحِبُّ اللّهَ وَرسولَهُ .
وثانيها : أنّ اللّهَ يُحبّه ، والرسول أيضاً يُحبّه ، وفيه دلالةُ عِصْمَته .
وثالثها : أنّه نُزِّه عن النظر إلى النساء المحرّمات على سبيل القطع .
ورابعها : أنّهَ بَيَّنَ أنَّ بغضه كبيرة ، تُحبط الأعمال ، ويُسْتَوجَبُ النار بها .
وخامسها : أنّه عيْبَةُ ۱ عِلم الرسول ، ولم يقل لأحدٍ من الصَّحابة أنّه عَيبة عِلْمه .
وقال فيه في باب العلم : «إنْ وَلّيتُم عليّاً تجدوه هادياً مهديّاً» ، فكونه هادياً منقبة في العلم ، ليس إلاّ له ، وكونه مهديّاً مُعلِّماً مُعرّفاً للحقّ منقبةٌ اُخرى في باب العلم ، وليس هذا في أحدٍ من الصحابة ، وفيه الحديث :
أنّه لمّا أخرجه إلى اليمن قال عليٌّ : يا رسول اللّه ، تُخرِجُني إلى قومٍ أسنُّ منّي ، فكيف أقضي بينهم؟
قال : فَضَرَبَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله يده على صدره وقال : «اللّهُمَّ ثبّته ، وسَدِّده ، ولقّنه فصْلَ الحُكم» .
قال : فما شَكَكْتُ في قضاءٍ بين اثنين بعد ذلك اليوم .
وليس هذا إلاّ له في باب العلم .
وفيه قوله صلى الله عليه و آله : «عليٌّ مَعَ الحقّ ، والحَقُّ مَعَ عليّ» .
1.عيبَةُ الرجل : موضع سِرّه .