المراتب في فضائل عليّ بن أبي طالب(ع) - صفحه 183

وهذا يدلُّ على أنّه يُصيبُ الحقّ في كلّ شيء ، ولا يُخطئ .
وفيه : أنّه لا نوعَ من العِلْم في الصَّدر الأوّل بعد أربابه إلاّ ويُعَدُّ عليٌّ فيهم ، فيكون قد اجتمع فيه من العلوم ما افترق في سائر الصحابة ، وليس هذا للمشايخ .
وفيه : رجوعُ عُمَر إليه في ثلاثٍ وعشرين حكومةً ، أخَذَ بقوله وقال فيه : «لولا عليٌّ لهلكَ عمر» .
وقال فيه : «لا أراني اللّهُ مُعْضِلةً في الدين ، لا يكون عليٌّ بجنبي» .
وهذا اعترافٌ منه بكونه أعلم .
وهو الّذي قال على رأس المنبر بحضرة المهاجرين والأنصار :
كُنَيْفٌ ۱ مَلِيءٌ علماً ، لو وجدتُ له طالباً ، فواللّه لو كُسِرَتْ (أو قال ثُنِيَتْ) لي وسادَةٌ ، لَحَكَمتُ لأهل التوراة بتوراتهم ، ولأهل الإنجيل بإنجيلهم ، ولأهل القرآن بقرآنهم ، حتّى يُنادي كلّ كتابٍ بأنّ هذا حُكم اللّه فيّ ، وواللّه ما نزلت آيةٌ في ليلٍ ولا نهارٍ ، ولا سَهلٍ ولا جَبَلٍ ، ولا سَفَرٍ ولا حَضَرٍ ، إلاّ عَرَفتُ متى نَزَلتْ ، وفي مَنْ نَزَلتْ ، وعَرفتُ ناسخها ومنسوخها ، ومُحكمها ومتشابهها ، ومجمَلها ومفصَّلها ، وما مِنْ أحدٍ من قريشٍ إلاّ نزلت فيه آيةٌ أو آيتان ، إمّا بمدحٍ نزل وإمّا بذمٍّ!
فقال له رجلٌ : أنت أحدُ قريشٍ ، فما الّذي نزل فيك؟
فقال : أ ما تقرأ سورة هود : «أفَمَنْ كانَ عَلى بَيّنةٍ مِنْ رَبّه وَيَتلُوه شاهدٌ منه »۲ ؟ فكان الرَّسولُ صلى الله عليه و آله عَلى بيّنةٍ ، وأنا الشاهد منه .
ففيه : أنّه على بيّنةٍ من ربّه كالرَّسول ، وأنّه تالي الرَّسول ، وأنّه من الرَّسول ، وأنّه شاهد الرسول .
فهذه أربعُ فضائلَ لم تَرِدْ إلاّ فيه ، وهو دليلُ إمامته ، مع كونه دليلاً على كمال علمه .

1.أي وعاءٌ .

2.سورة هود ، الآية ۱۷ .

صفحه از 236