المراتب في فضائل عليّ بن أبي طالب(ع) - صفحه 185

فقال : ما لكُم ، ولباسي أحْصَنُ لفرجي ، وأولى أن يُقْتَدى بي!
وهذا الضَّرب في باب الأجر والاحتياط للشَّرع لا يوجدُ لأحدٍ .
وفيه : أنّه لمّا عُوتب في لباسه ، قال : «لقد رقّعْتُ مدْرَعتي هذه ، حتّى استحيَيْتُ مِنْ راقعها .
فقال لي : ذَرْها عنك ، فَذُو الاُتُن ۱ لا يَرتَضيها لِبَراذِعِها ۲ .
فقلتُ : اُغْرُبْ ، فعند الصَّباح يُحْمَدُ القوم السُّرى ۳ ، وتَنْجَلي عنهم غبايات الكَرَى ۴ ، واللّه لو شِئتُ لَتَسَرْبَلتُ بالعبقريّ المنقوش منْ دِيباجِكُم ، ولتناولت لُبابَ البُرِّ في صدُور دَجَاجِكُم ، ولشَرِبتُ الماء في رقيق زُجاجِكُم ، ولكنّي وجدتُ اللّه يقول : «مَنْ كانَ يُريدُ الحَياة الدُّنيا وَزينتها نُوَفِّ إليهم أعمالَهُمْ فِيها وَهُم فيها لا يُبْخَسُونْ أولئك الّذينَ لَيسَ لَهُم في الآخرةِ إلاّ النّارُ وَحَبِط ما صَنَعُوا فيها وَباطلٌ ما كانُوا يَعْمَلون »۵.
ودخل ضِرارُ بنُ صُرَد على معاويةَ فقال : صف لي عليّاً؟
فقال : أوَتعفيني عنه؟
قال : لا وحياتي إلاّ وتَفعلُ .
فقال : كانَ واللّه صَوّاماً بالنهار ، قوّاماً بالليل ، يُحبُّ مِنَ اللباس أخشنَهُ ، ومنَ الطعام أجشبَهُ ، كانَ يجلِسُ فينا كأحدنا ، ويَبْتَدئنا إذا سَكَتْنا ، ويُجيبُنا إذا سألنا ، يَقسِمُ بالسوية ، ويعدلُ في الرعيَّة ، لا يخافُ الضَّعيفُ مِن جورِهِ ، ولا يطمَعُ القويُّ في ميْلِه .

1.الاُتن : الاُنثى من الحمير .

2.البراذع : حِلْسٌ يُجْعَلُ تحت الرَّحْلِ ، وهي تستعمل عادةً للحمار ، مايركبُ عليه ، بمنزلة السرج للفرس .

3.السُّرى : الّذين قطعوا ظلمة الليل ووحشتها بالسير.

4.الكرى : النعاس .

5.سورة هود ، الآية ۱۶ .

صفحه از 236