المراتب في فضائل عليّ بن أبي طالب(ع) - صفحه 187

فقال : هيهات! إنّ النابِتة بالعَراء أصلبُ عوداً ، وأقوى عَمُوداً ، وأدسَمُ ثَمراً ، فواللّهِ ما قَلَعتُ باب خَيْبَر بقوّةٍ غذائيّة ، ولا بقوّةٍ جَسَدانيّةٍ ، لكن بِنَفْسٍ بِنُور بارئها مُضيئةٍ ، وبأيْدٍ مِنَ اللّه قويّة .
وفيه ورد : أنّه لمّا قُتل ، صَعِد الحَسَنُ بن عليٍّ المنبَر وخطب .
ثمّ قال : «لقد طُعِن في الليلة الّتي قُتِلَ فيها يَحيى بنُ زكريّا ، ومات في الليلة الّتي رُفِع فيها عيسى إلى السَّماء ، خرج من الدُّنيا وما تَرَكَ صفراءَ ولا بيضاءَ ، إلاّ مئة درهمٍ فَضْلَ عطائه ، أعدّها ليشتري خادمةً لأهله» .
هذا ، وكان سَلَبُ كلِّ مقتولٍ وسَهمُ الغنيمة في القتال له ولذرّيّته ، وله خُمُسُ الغنائم حقّ ذَوي القُربى ، فلم يفت عن فقرٍ إلاّ لزُهدٍ فيها .
وفي زهده كتابٌ كبير ، ورواه الشيعة ، لكنّا ذكرنا هذه الخصال العَشَرة لشهرتها ، لا مشترِك له فيها ، ولم يَرد عن أحدٍ إحصاءُ ذِكْرها ، وتفرّده بها .

وأمّا الباب الثالث عشر [ الشرف بالعلم ]

في شَرفِه بعلمه ، فقد مَضى القولُ فيه ، وَكَشَفنا عن مزاياه فيما ورد فيه .

وأمّا الباب الرابع عشر [ الشرف بالسخاء ]

وهو الشَّرف بالسَّخاء .
فله في هذا الباب ما ليس للمشايخ ، وقد ذكرنا رتبته في السخاء ، لكنّا نَعُدُّ ما تفرّد به .
فمن ذلك : ما ورد في الصَّحيح عند الجمهور ، أنّه أخذ بآيةٍ لم يأخُذْ بها قبلهُ أحدٌ ، ولا أخَذَ بها بعده أحدٌ بل نُسِخَتْ ، وهو الصَّدقةُ بين يدي مناجاة الرَّسول ، وصَرْفُهُ دينارَهُ ، وسؤالُهُ رسول اللّه عن عشرة أبوابٍ ، تحتَ كلّ بابٍ ألفُ بابٍ ،

صفحه از 236