المراتب في فضائل عليّ بن أبي طالب(ع) - صفحه 188

فلمّا فَرَغَ نُسختِ الآية ، وليس في الجود أتمُّ من هذا .
وله الوفاء بالنذر والإطعام ، حتّى نَزَلتْ سُورة هل أتى ، على ما شرحناه .
وفيه : أنّه كان يملك أربعة دَراهِم ، فتصدّقَ بها ليلاً ونهاراً ، وسرّاً وعلانيةً . أمّا الليل على أهل التَجَمُّل ، حتّى لا يَخْجَلون ، وأمّا النهار ليُقْتَدى به ، وأمّا بالسرّ ، فعلى أهل التَجَمُّل ، ممّن لا يَحتشمُهُ وَيَحتشمُ سواه ، والعلانية فعلى السُّؤال ، حتّى لا يكون قد رَدَّ سائله ، فأنزل اللّه فيه قوله : «الّذينَ يُنْفِقُونَ أموالَهُمْ باللّيلِ وَالنّهارِ سِرّاً وَعَلانية »۱ ، فَسَمّى كُلَّ درهمٍ مالاً ، وعظّم شأنه ، وبيّن أنّ أجره على اللّه .
وفيه : أنّه كان عنده رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فخرج ليسْتَدينَ ، فوجد ديناراً ، فاستقبلَهُ مقداد وكشفَ حالهُ ، أنّه جَرى عليه وعياله ثلاثة أيّامٍ ، فأعطاه ذلك الدينار ، وقال : «أنت أولى به» ، وأخذ يطلبُ ، فاستقبله أعرابيٌّ ومعه ناقة .
فقال : يا أبا الحَسَن ، اشترِ هذا منّي ، والثمنُ عليك إلى أن تَجده . فاشتراه منه ، فاستقبله آخرُ وطَلَب مِنه ، فباع عليه وأخذ الثمن ، وعاد إلى رسول اللّه بحوائجه ، فضحك الرَّسولُ في وجهه .
وقال له : اُحدّثك ممّا كان منك؟
قال : بلى يا رسول اللّه .
فحدّثه ، فقال : إنّ الّذي باع منك الناقةَ جبرئيل عليه السلام ، والّذي اشتراه ميكائيل عليه السلام ، وإنّ اللّه أكرمك بذلك لمّا آثَرْتَ أخاكَ على نفسك .
وفيه : صدقته بخاتمه في الرُّكوع ، فنزلت آية الولاية ۲ .
وفيه : جوده وسخاؤُهُ بمئة عينٍ استخرجها بِيَنْبُعَ ، فوقفها في سبيل اللّه ، وهي باقيةٌ من جملة أوقافه .

1.سورة البقرة ، الآية ۲۷۴ .

2.الآية ۵۵ من سورة المائدة .

صفحه از 236