المراتب في فضائل عليّ بن أبي طالب(ع) - صفحه 189

وفيه : حديثُ أبي هريرةَ على ما سلف ، أنّه أجابَ عن مسألته ، وأشبَعَهُ من الجوع في اليوم الثالث ، على ما سلف القول فيه .
وفيه : قوله وقد جاءه من تكلّم فيه وأسمعه ، ثُمّ جاءه في اليوم الثاني فسأله حوائجه فقضاها ، فعاتبه أصحابه على ذلك .
فقال : إنّي أستحيي أنْ يَغْلِبَ جَهْلُه حلمي ، وذنبُه عفوي ، ومسألتُه جودي .
وفيه : إجماع العترة أنّه أجود من الجماعة ، وإجماعهم حُجّة .
وبجودِهِ يُضرَبُ المثل ، حتّى يُقالُ في الدُّعاءِ : «تَقَبّل اللّهُ منك ، كما قَبِل تُوبة آدم ، وقُربان إبراهيم ، وحَجَّ المُصطفى ، وصَدَقة أمير المؤمنين» .
فهذه عَشَرة أشياء ، ظاهرةٌ معلومةٌ ، ليس لهؤلاء مثلها ، وعلى صفتها تفرّد بها ، وقد مضى شرحُ كثيرٍ من هذا فيما قبلُ .

فأمّا الباب الخامس عشر [ الشرف بالشجاعة ]

فإنّ المرءَ يشرفُ بشجاعته ، وقد ذكرنا من قَبلُ أنّه أشجَعُ منهم ، ولكنّا نُحبُّ أنْ نَعُدَّ آثاره في الشَّجاعة ، بمقامات تَفرَّد بها ، ليس لأحدٍ مثلُها في الصدر الأوّل .
فمن ذلك : قِتَالُه لأحداثِ مكّة ، عند خروج رسول اللّه من داره إلى المسجد .
ومن ذلك : مَبيتهُ على فراش رسُول اللّه صلى الله عليه و آله ليُقْتَل بدله ، ويصيرَ فداءً له ، ويَدفعَ عنه .
ومن ذلك : أنّه أوّل مُبارزٍ يوم بدرٍ من المسلمين ، وعمّه وابنُ عَمّه .
ومن ذلك : قتلُه سبعةً وستّين بحضرة رسول اللّه صلى الله عليه و آله في ذلك اليوم ، وهو معجزٌ ، فليس في العادةِ أنْ يَقوى بَنُو جِنْسنا على هذه العِدّةِ من القتل .
ومن ذلك : قَتْلُه لسبعةٍ من بَيتٍ واحدٍ يوم اُحد ، أصحاب الراياتِ ، وهم بَنُو طلحَة ، رواه الناصرُ الكبير عليه السلام .

صفحه از 236