المراتب في فضائل عليّ بن أبي طالب(ع) - صفحه 191

وفي ذلك اليوم حاول وَجده حتّى فَرّق من بالحِصن ، وتترّس ببابٍ ثقيلٍ ، عند كسر دَرَقَتِه ، وفيه هزّ الحِصْنَ كلّه ، وفيه قلع الباب من الحديد ، وفيه إمساكُ الباب على يده ، حتّى عبرَ عليه عَسْكَرُ رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
وقد رُوي أنّه رُميَ من المنجَنيق إلى حِصْن ذات السَّلاسل وسيوفٍ مجرّدة ، فلم يُبَال بالرمي ولا بالسُّيوف حتّى فَتَح .
وله يوم حُنَينٍ الوقوفُ في وسط أربعةٍ وعشرين ألفاً ، إلى أن ظهر المدَدُ من السَّماء ، وهو الّذي أسرَ رَكانةً أشجَعَ العربِ ، وأسرَ عَمْرو بن معدي كَرَب ، حتّى فتح اللّهُ به من بلاد العجم ما فتح ، وقُتل بِنَهاوند .
وفي فرسه نزل «والعاديات »۱ ، وله ذلك الفَتْحُ العظيم .
وهو الّذي قال : «لا اُبالِي ، وقعتُ على الموتِ ، أو وَقَع الموتُ عَليَّ» ، وليس هذا إلاّ له .
وهو كان لا يكون على ظَهره بجوشَنه حديدٌ ، فَسُئل عن ذلك فقال : «إنّما يحتاج إليه من يهرب من عدوّه ، فيحفظ ظهره ، وأنا لا أهربُ» .
وهو الّذي قيل له : أ لا تقاتل على الفرس؟
فقال : إنّ الفَرَس يَحتاجُ إليه مَنْ يهرب من العدوّ ، أو يهرب العَدوُّ منه فيلحَقُه ، وأنا لا أهربُ ، ولا أترك العدوَّ يهربُ ، فالبغل والفرسُ سَواءٌ .
وهو الّذي رُوي فيه : أنّه لَحِقَ العدوّ فلم يضربه ، بعد أن أراد طعنه ، فسأله الرسول صلى الله عليه و آلهعن ذلك فقال :
«لمّا لحِقْتُه شتم اُمّي ، فخشيتُ أن أضربه لحظّ نفسي ، فتركته حتّى سكن ما بِي ، ثُمّ قتلته في اللّه تعالى» .

1.سورة العاديات ، الآية ۱ .

صفحه از 236