المراتب في فضائل عليّ بن أبي طالب(ع) - صفحه 215

ثُمّ هو الخليفة لا غيره ، الحادي والعشرون .
فهذه إحدى وعشرون خبر غيبٍ ، كلّ واحدٍ منها معجزٌ لا يتأتّى للمنجِّم ، ولا على وجه التبخُّت ، ولا يقع الصِّدق إلاّ من عالمٍ ، ولا طريق إلى العلم إلاّ الوحي ، فيدلُّ الكلُّ على نبوّته صلى الله عليه و آله وسلم ، والجميعُ مَدحٌ لعليّ عليه السلام ، متعلّقٌ به ومن صفاته .
ومن ذلك : حديثُ الحُدَيبيّة ، وقد كان يَكتبُ العَهْدَ بين يدي رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، بينه وبين قريشٍ ، فكتب : بسم اللّه الرحمن الرحيم .
فقالوا : اكْتُب «باسمك اللّهمّ» ؛ فإنّا لا نعرف الرحمن .
فلمْ يَمحُ عليٌّ عليه السلام ، ومحا الرسول صلى الله عليه و آله وسلم ، وكَتَب ما أرادوه .
ثُمّ كتب : «هذا ما عهد محمَّدٌ رسولُ اللّه » .
فقالوا : لو اعترفنا بهذا لم نُحالِفْك ، ولم نَحْتَج إلى عهدٍ ، اُكْتُب : «هذا ما عَهِد محمّدُ ابنُ عبد اللّه » .
فقال لعليٍّ عليه السلام : اُكْتُب ما يريدون ، ولَكَ مِثْلُ هذا ، وتُدفعُ إلى محو اسْمك ، وبذلِ ما يريدون .
فلمّا تهاون القومُ بصفّين ، وكَتَب : «هذا ما عَهِد أمير المؤمنين عليُّ بنُ أبي طالب» .
فقالوا : لو عَلِمْنا أنّك أميرُ المؤمنين ما خالفناك ، ولم نَكُ نَحتاجُ إلى صُلْحٍ ، اُكْتُب : «هذا ما عَهِد به عليُّ بنُ أبي طالبٍ» .
وفي هذا الباب أشياء :
أوّلها : أنّ الرسول صلى الله عليه و آله وسلم يموتُ وَعليٌّ يبقى .
وثانيها : أنّ الاُمّة تختلفُ على عَليّ عليه السلام وتُخالفه .
والثالث : أنّه يَمحقُ اسمَه ولقبه إلى ما يريدون ، كما فعل الرَّسولُ صلى الله عليه و آله وسلم .
فهذه تمام الأربع والعشرون ، مع ما تقدّم .

صفحه از 236