المراتب في فضائل عليّ بن أبي طالب(ع) - صفحه 223

الباب الثالث والعشرون

أن يصير قوله في الدِّين حجّة ، ويصير للشريعة قبلة

واعلم أنّه ليس في الاُمّة مَنْ قوله حُجّة كقول رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، وفعله وتركه كما يكون فعل رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وتركه . وربما يُفصل بينه وبين الرسول صلى الله عليه و آله وسلم بأنّ الرسول لا يجوز أن يُخطئ فيما طريقه الدين ، ولا يَسْهُو ، ولا يركَب الصَّغيرة ، ويجوز على أمير المؤمنين الصَّغيرة ؛ فإنّها لا تقطع العصمة والموالاة ۱ .
وهذا غير سديدٍ ، وذلك أنّ العترة مجمعةٌ أنّه في الدِّين كلّه حُجّة .
ولأنّ الرسول صلى الله عليه و آله وسلمقال : «عليٌّ مع الحقّ ، والحقُّ معه» .
وقال : «إذا اختَلَفْتُم في شيء فكونوا مع عليّ بن أبي طالب » .
وقال : «إنّه هادٍ مهديّ» .
إلى ما شاكله من الألفاظ الدالّة على أنّه لا يُخطئ .
وربّما يقال : إذا قَطع على الشيء أنّه من الدين فقوله حُجّة ، وإذا قال من طريق الاجتهاد فإنّه يجوز مخالفته ، ولهذا قال له عُبيدة في بيع اُمّهات الأولاد حين قال : «رأيي ورأي عُمَرَ أنْ لا يُبَعْنَ» .
«رأيُكَ مع الجماعة أحَبُّ إلينا مِنْ رأيك وحدك» .
ولن يُنكِر عليه ، ولو كان اجتهاده حُجّةً قاطعةً كان ينكر عليه .
وليس الأمر كذلك ، فإنّ الرَّسول فيما يَحكم به من طريق الاجتهاد ـ لا في

1.أمّا الإماميّة فإليك تصريح الشيخ المفيد باعتقادهم في الأئمّة ، فهو يقول : «إنّ الأئمّة القائمين مقام الأنبياء عليهم السلامـ في تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود وحفظ الشرائع وتأديب الأنام ـ معصومون كعصمة الأنبياء ، وإنّهم لا يجوز منهم صغيرة إلاّ ما قدّمت ذكر جوازه على الأنبياء ، وإنّه لا يجوز منهم سهو في شيء في الدين ولا ينسون شيئا من الأحكام» . [أوائل المقالات : طبعة مؤتمر الشيخ المفيد ، ص۶۵]

صفحه از 236