غيبة الإمام المهدي (ع) بين النصوص و النقود - صفحه 15

أي لم يتغيّر بمرور الدهر ، وعروض الحرّ والبرد ، وإصابة الشمس والرياح وذرور التراب .
وقد ورد أنّ طعامه كان التين والعنب ، وشرابه العصير ، وهذه أسرع الأشياء تغيّراً وفساداً ، لكنّه تعالى حفظها عن التغيّر ، فوجدوا العصير حلواً ، والتين والعنب طريّين كما لو جنيا في ذلك الحين ، كما أنّه تعالى حفظها ـ أيضاً ـ من أن تصير طعمة الطيور والوحوش والحشرات .
فلمّا نظر إلى ذلك ورأى هذا الدهر العجيب والأمر الآخر الذي هو ـ أيضاً ـ عجيب مثله وهو جمع ذرّات التراب المتفرّقة وتبديلها باللحم ثمّ إحياؤها بصورة الحيوان الأُولى : قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ .
فمن آمن بما في كتاب الله ; ليس له أن يستنكر إمكان بقاء ۱ أحد من البشر ، ولو إلى آلاف السنين ، فإنّ ذلك قليلٌ في جنب قدرة الله العظيمة .
نعم اللازم على البصير الناقد أن يبحث في هذا الموضوع عن أمرين آخرين:
الأوّل : أنّه بعد ما ثبت في قدرة الله جوازُ بقاء البشر وإمكانه ، فما الدليل على وقوعه لشخص سمّي بالإمام، حتّى يجوز للمكلّف أو يجب عليه: أن يقرّ ويتديّن به، وينسبه إلى الله تعالى ويدين الله تعالى بولايته والإقرار بإمامته؟ إذ ليس كلّ ممكن يجوز التديّن والاعتقاد به ما لم يدلّ عليه دليلٌ قاطعٌ من كتاب أو سنّة أو عقل .
الثاني : البحث عن فائدة ذلك ، فلِمَ لايظهره الله تعالى حتّى يملأالأرض قسطاً وعدلا ؟.

1.وإلى هذا يؤوّل ما في بعض الأخبار كما في البحار ، باب ما فيه من سنن الأنبياء عن الصادق (عليه السلام) : «أنّ في كتاب الله مثلاً للقائم (عليه السلام) وهو آية صاحب الحمار ، أماته الله مائة عام ثمّ بعثه» (غيبة الطوسيّ ( ص ۴۲۲ ـ ۴۲۳ ) بأن يكون المراد هو التمثيل ببقاء الطعام والشراب ، وقوله : «أماته الله» بياناً لصاحب الحمار ،إشارة إلى وصفه في القرآن ، لا وجهاً للتمثيل كي يصير المعنى : أنّ القائم يموت ثمّ يحيى ، فإنّ ذلك مخالف للأخبار الكثيرة الدالّة على بقائه واستمرار حياته .

صفحه از 37