غيبة الإمام المهدي (ع) بين النصوص و النقود - صفحه 18

كسبت أيدي الناس ، فقد قال تعالى: وَ رَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَاكَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ... ]الكهف:18/58[ .
وقال تعالى: وَ لَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَآبَّة وَ لَـكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَل مُّسَمًّى... ]فاطر:35/45[ .
فإنّه يدلّ ذلك على أنّ ما يكسبه الناس من المعاصي والمنكرات يقتضي حلول العذاب قبل الأجل ، لكنّ الله تعالى يدفعه عنهم برحمته الواسعة وفضله العميم ، ولمّا كانت سنّته تعالى أن يجري الأُمور بالأسباب ، مع أنّه قادرٌ على إجرائها بغير سبب ، وَ لَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ]الأحزاب:33/62 [و]الفتح:48/23[ . فقد جعل وجود الحجّة سبباً لدفع العذاب عن الناس ، وواسطةَ إنزال البركات عليهم ، كما جعل وجود النبيّ(صلى الله عليه وآله) رحمةً وأماناً فقال تعالى: وَمَا كان الله ليعذّبهم وأنت فيهم . وقال: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ أي للمؤمن والكافر .
فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إنّ رحمته للكفّار بأنّه سببٌ لإنظارهم ، وعدم حلول العذاب بإعراضهم» ۱  .
وعن ابن عباس وغيره: إنّه سببٌ لأمنهم من الخسف والمسخ وعذاب الاستئصال .
فبذلك يندفع السؤال عن أنّه إذا كان الله تعالى يريد دفع العذاب عن خلقه وهو قادرٌ على ذلك ، فلماذا جعل وجود الإمام وبقائه واسطةً لذلك؟
فإنّه منقوض:
أوّلا: بهاتين الآيتين الواردتين في شأن النبيّ (صلى الله عليه وآله) فإنّه تعالى قادرٌ ـ أيضاً ـ على بذل الرحمة والأمان بغير توسيط وجود النبيّ (صلى الله عليه وآله) فلماذا جعل إرساله واسطة لذلك .

1.الاحتجاج للطبرسيّ(ص ۲۵۵) من كلام الإمام (عليه السلام) في الردّ على من ادّعى التناقض في القرآن .

صفحه از 37