بقي أمرٌ: 
 وهو أنَّ تخلّل الردّة بين الإيمان والموت ، هل يكون مخلاً بالصحبة أم لا؟
 ظاهر الجمهور عدم ذلك ، فلو آمن بالنبيّ ، ثمَّ ارتدَّ ، ثمَّ رجع وحسن إسلامه وإيمانه عُدَّ صحابيّاً ، ولم يرتفع عنه معنى الصحبة; على تردّد في هذا لمعارضته لبعض الآيات والروايات أوّلاً ، ومن حيث صدق الصحبة ثانياً .
 نعم ، لو قيل بأنَّه لم ينتفِ معنى الصحبة عنه حتى يحتاج إلى البحث في صدقه أمكن ذلك .
 وأمَّا بالنسبة إلى الرواية عنه (صلى الله عليه وآله): فلم يشترطه هذا الكاتب ـ وهو الحقّ ـ فإنَّ الرواية عن النبيّ ليست فصلاً مقوِّماً لمفهوم الصحبة حتى يدَّعى عدم تحققه بدون هذا الفصل ، بل يمكن عدّ الرجل صحابياً وإن عدَّ فيمن لم يروِ عنه (صلى الله عليه وآله) .
 والأمر الأخير المتبقى حول التعريف هو اشتراط الاختيار في ذلك; فلو كان مضطراً أو مكرهاً على الإيمان ، لم يتحقّق منه أهمّ شرط في الصحبة ، وإن تحقّقت صحبته للنبيّ (صلى الله عليه وآله) بمعناها اللغوي أو الاصطلاحي على بعض التعريفات السابقة .
 وكذا يخرج عن تعريفه عند من يشترط في التعريف الإيمان عن معرفة بشخص النبيّ ، فمن آمن به وصحبه دون معرفة له على أنَّه نبي الله محمّد(صلى الله عليه وآله)الذي أرسله الله للخلق كافَّة ، فهو ليس بصحابيّ ، على هذا .
 وأمَّا عدم اشتراط الرؤية من قبل الكاتب:
 فهو إمَّا لالتفاته لدخول ذلك في لفظ الصحبة ، وإمَّا لإهماله لهذا الشرط .
 ولكن لا يخفى أنَّ الاكتفاء في تحقّق الصحبة بكلّ من آمن بالنبيّ ، وإن لم يره ـ أي مع عدم اشتراط الرؤية ـ يوسِّع دائرة الصحبة لمثل من آمن به ولو في بلد آخر ، فاشتراط رؤية النبيّ أمرٌ مهمٌّ في ثبوت الاتّصاف بالصحبة ، وإلاّ فمن آمن به ولم يره ، أقوامٌ كثيرون يعدّون بالآلاف ، إمَّا لعدم قصدهم لرؤيته ، وإمَّا لتعذر ذلك عليهم ، وإمَّا لتوجّههم لاشتراط رؤيته ، ولكنَّهم لم يُوفَّقُوا لذلك ، كما نقل عن أبي