عرض الحديث علي كتاب الله من قواعد تمييز الصحيح الموافق له من الباطل المخالف - صفحه 14

ووجه المخالفة المذكورة : أنّ آيات الكتاب تفيد الأخذ بالحديث مطلقاً ، بينما روايات العرض تجعل الأخذ به مقيّداً بعدم المخالفة للكتاب .
قال ابن عبدالبرّ : « وقد أمر الله عزّوجلّ بطاعته واتّباعه أمراً مطلقاً مجملا ، لم يقيّد بشيء ، كما أمرنا باتّباع كتاب الله ، ولم يقل : وافق كتاب الله ، كما قال بعض أهل الزيغ » ۱  .
وقال السرخسي : « فإنّ في الكتاب فرضيّة اتّباعه مطلقاً ، وفي هذا الحديث فرضية اتّباعه مقيّداً بأن لا يكون مخالفاً لما يتلى في الكتاب ظاهراً ، ولئن ثبت فالمراد أخبار الآحاد ، لا المسموع عنه بعينه ، أو الثابت عنه بالنقل المتواتر ، وفي اللفظ ما دلّ عليه  ، وهو قوله (عليه السلام) : (إذا روي لكم عنّي حديث) ، ولم يقل : إذا سمعتم منّي » ۲  .
أقول : ما ذكره من أنّ ثبوت رواية العرض يعني اتّخاذه ميزاناً للعلمبصدور خبر الواحد ، أو عدم صدوره عنه (صلى الله عليه وآله) ، تبعاً لموافقة الخبر للكتاب أو عدم موافقته له ، هو المتعيّن ، وهو المراد الواقعي للشارع ، وقوله بعدم شمولرواية العرض لما علم صدوره عنه (صلى الله عليه وآله) إمّا بالسماع منه مباشرة ، أو بنقله عنه متواتراً ، لا ينبغي أن يفهم منه أنّه يمكن أن يصدر عنه في هاتين الحالتين مايخالف الكتاب ، فإنّ هذا توهّم ، واضح البطلان ، إذ أنّ روايات العرض تؤكّداستحالة صدور ما يخالف الكتاب عن المعصومين(عليهم السلام) ، ولأجل ذلك اتّخذت المخالفة للكتاب ميزاناً لردّ أخبار الآحاد ، والحكم بعدم صدورها عنهم صلوات الله عليهم أجمعين .

1.جامع بيان العلم وفضله ، ابن عبدالبرّ ۲ / ۱۱۹۰ .

2.أُصول السرخسي ، تحقيق أبي الوفاء الأفغاني ۲ / ۷۶ ، كشف الأسرار عن أُصول البزدوي ، علاء الدين عبدالعزيز البخاري ۳ / ۲۷۵ .

صفحه از 47