ومثلهم حشوية الشيعة:
فقد اعتمدوا على أخبار الآحاد اعتماداً مطلقاً ، فقالوا: «إنّه ينبغي أن يُروى الحديث على ما جاء وإن كان مختلّ المعنى».
وردّ عليهم الشيخ الطوسي بقوله: إنّ الله تعالى دعا إلى التدبّر والتفقّه ، وذلك مناف للتجاهل والتعامي ۱ .
ومعنى قولهم: «على ما جاء» هو المنقول من العامّة من قولهم «ردّ الأحاديث إلى الله سبحانه».
وهؤلاء هم الذين نقل العلاّمة الحلّي حولهم: الإجماع على أنّ الأخباريين من الإمامية لم يُعوّلوا في أُصول الدين وفروعه إلاّ على أخبار الآحاد ۲ .
وقال المحقّق الحلّي: أفرط الحشوية في العمل بخبر الواحد ، حتّى انقادوا لكلّ خبر وما فطنوا ما تحته من التناقض.
فإنّ من جملة الأخبار قول النبي (صلى الله عليه وآله): «ستكثر بعدي القالة عليَّ» وقول الصادق(عليه السلام): «إنّ لكلّ رجل منّا رجلٌ يكذب عليه».
واقتصر بعض عن هذا الإفراط ، فقال: «كلّ سليم السند يعمل به».
وما علم: أنّ الكاذب قد يلصق ، والفاسق قد يصدق !
ولم ينتبه: أنّ ذلك طعن في علماء الشيعة ، وقدح في المذهب ، إذ لامصنّف إلاّ وهو قد يعمل بخبر المجروح، كما يعمل بخبر الواحد المعدّل.
وأفرط آخرون في طرف ردّ الخبر.
وقصّر آخرون.
وكلّ هذه الأقوال منحرفة عن السنن ، والتوسّط أصوب الآراء .
1.التبيان في تفسير القرآن للشيخ الطوسي (۹ / ۳۰۱) .
2.نقله (جامع المقال) للطريحي (ص۱۲) .