موقف الحشوية من مصادر الفكر الإسلامي الحدیث و القرآن - صفحه 11

ولاستيعاب البحث حول هذين الموقفين ، عقدنا هذا الفصل الثالث بعون الله.
وإنّما قدّمنا البحث عمّا يتعلّق بالحديث ، لمحدوديّته ـ أوّلا ـ بالنسبة إلى ما يرتبط بالقرآن ، ولكون المخالفات ـ عند الحشويّة ـ حول القرآن تبتني أساساً على أحاديث دوّنوها واعتبروها أدلّةً ، ثمّ اعتمدوها.
فكان البحث الحديثيّ ، كالمقدّمة لبحث القرآن ، والله المستعان.

تمهيد:

إنّ الحقّ لابدّ أن يكون معلوماً ، لاريبَ فيه ، ولا يكتفى فيه بالظنّ والوهم ، لأنّ التصديق به يتوقّف على القناعة ، والقناعة إنّما تكون بنفي الاحتمال الآخر ، وهذا التصديق المستتبع لعقد القلب والالتزام المطلق ، وكلّ هذا لا يحصل إلاّ باليقين والعلم ، لابالظنّ والشكّ والوهم!
والدين الإسلاميّ هو الحقّ ، بأُصوله وأحكامه ، بعقيدته وشريعته ، فلابدّ أن يكون معلوماً يقينيّاً ، كي ينعقد القلب عليه ويجزم به وينفي غيره ، ولا يمكن أن يتديّن المسلم بما هو ظنّيّ أو وهميّ ، لا في مجال العقيدة وأُصول الدين; كما هو رأي المسلمين كافّة ، سوى الحشوية ، كما أسلفنا في مسألة «التقليد» في الفصل الثاني.
وكذلك في مسائل الشريعة ، وفروع الدين عند الشيعة الإماميّة ، وكثير من العلماء المحقّقين ، كما سنبيّن في البحث عن «الخبر الواحد» في هذا الفصل.
وكما قلنا في بحث سابق: إنّ: «الشريعة الإسلامية المتلقّاة من القرآن والرسول(صلى الله عليه وآله)هي إحدى أهداف الرسالة المحمّدية العظمى ، فلابدّ أن يكون الدليل عليها في وجودها واستمرارها من سنخ الدليل على نفس الرسالة ـ التي هي من أُصول الدين ـ من الدليل القطعيّ ، لا من الدليل الظنّيّ» ۱ .

1.لاحظ مقال: «الثَقلان ودعمهما لحجيّة السنّة» في مجلة «علوم الحديث» العدد (۱) (ص۱ ـ ۳۷) بتصرّف .

صفحه از 34