موقف الحشوية من مصادر الفكر الإسلامي الحدیث و القرآن - صفحه 16

الآثار المترتّبة إنّما تترتّب على واقعها ، الذي لا يمكن الوصول إليه إلاّ بانكشافه وثبوته بنحو قطعيّ  ، فالنار ـ مثلا ـ لا تُحرقُ إلاّ بواقعها ، لا بمجرّد فرضها أو الظنّ بها أو تخيّلها ، فكذلك ترتيب آثارها الواقعيّة لايمكن إلاّ بالعلم واليقين بها.
والمطلوب في العقائد هو الواقع ، لاالتعبّد ولاالتصوّر الظنّي ، كما ثبت في محلّه في علم الكلام.
وأمّا الأخبار الواردة في مجال العقائد ، والمروية عن الرسول (صلى الله عليه وآله)والأئمّة(عليهم السلام)ممّا يحتوي على أدلّة العقائد بشكل مفصّل: فالاعتماد عليها وتناقلها ، لا يعني إطلاقاً الاستدلال بها ، كأخبار آحاد ، وإنّما هي للاسترشاد بها إلى ما فيها من الأدلّة والجهود الموصلة إلى القناعة العقلية للمطّلع عليها ، وليس استناداً إلى ما فيها من دون اقتناع أو تفكير ، لا بمجرّد التعبّد والتقليد والتبعيّة.
وهي ـ مع ذلك ـ كنزٌ فكريّ ، يدلّ على عمق العملية العقلية الاستدلالية في القِدَم  ، بشهادة التراث العقيدي العظيم.
فليس الاستناد إليها ، استناداً إلى أخبار الآحاد ، كما قد يتخيّل.
وكذلك في مقام العمل ، وأحكام الشريعة التي يقصد منها العمل والتطبيق: فبناءً على ما يراه الشيعة: فإنّ أدلّتها لابدّ أن تكون علمية ، ولا يجوز الاعتماد فيها على خبر واحد ظنّي ، لما ذكرناه من أنّ الحقّ ، لابدّ أن يكون معلوماً ، حتّى يتعلّق به التصديق القطعيّ ، وإلاّ لم يكن إلاّ ظنّاً لا يغني من الحقّ شيئاً، كما نصّ عليه القرآن.
وأمّا الأخبار المعتمدة في الفقه ، والتي ظاهرها أنّها آحاد ، لكنّها ليست إلاّ أخباراً موجبةً للعلم ، لما تحفّ بها من القرائن التي ترفع حكمها إلى ذلك ، فهي خارجة عن كونها «آحاداً» ظنّية ، وإنّما هي بحكم التواتر ، لما لحقها من التسالم والاتّفاق عليها ، باعتبارها الدين الموجود ، المتّصل النقل المجمع عليه بين أهل العلم والفقه ، إلى الشارع.
ولذلك اشترطوا في قبول الخبر أن يكون «مجمَعاً على نقله» وذلك يتمّ في

صفحه از 34