موقف الحشوية من مصادر الفكر الإسلامي الحدیث و القرآن - صفحه 15

الاحتمال لا تنتفي الشبهة ، فلا يرتفع الخبر إلى مرحلة العلم الذي يقتضي الجزم بطرف ما ـ وهو المعلوم ـ ونفي سائر الاحتمالات.
وهذا المعنى هو الذي صرّح به أبو حنيفة في قوله: إنّ خبر الواحد لا يوجب علم اليقين ، وإنّما يوجب العمل تحسيناً للظنّ بالراوي ، فلا تنتفي الشبهة به ۱ .
فحتّى القول بالعمل بالواحد تعبّداً ، فإنّ ذلك لا يرفع الواحد إلى مرتبة العلم واليقين ، لبقاء الاحتمال.
ولهذا القيد يخرج عن الواحد كلّ الأخبار التي تقترن بما يوجب العلم واليقين ، كالمعجزة في كلام الأنبياء(عليهم السلام) والحجّية القطعية في الخبر المجمع عليه دلالة ومضموناً ، فليست من الواحد المبحوث عنه اصطلاحاً ، وإن كانت مرويّة عن واحد من الرواة.

حكم الخبر الواحد:

وقد اختلف العلماء في حكم الخبر الواحد ، بعد الاتّفاق على تعريفه السابق; بين من أبقاه على أصل عدم إيجابه العلم ، ويتبع ذلك عدم إيجابه العمل ، لأنّ العمل في الشريعة لابدّ أن يركن إلى ركن وثيق وعماد من العلم واليقين ، لأنّه الدين ، كما أصّلنا في الأصل السابق ۲ .
وهذا الرأي هو الذي عليه علماء الشيعة ، الذين أعلنوا في كتب الكلام والأُصول والفقه عن مقولة: «إنّ الخبرَ الواحد لايُوجبُ عِلْماً ولا عَمَلا» ۳ .
أمّا في باب ما يلزمه العلم ، كالعقائد والموضوعات الخارجية ، كالتاريخ وغيره ، فإنّ من الواضح عدم إمكان اعتماد غير العلم طريقاً للوصول إليها ، إذ

1.المبسوط للسرخسي (۳ / ۸۰) .

2.لاحظ التمهيد في بداية هذا المقال.

3.لاحظ مقال: «الثَقلان ودعمهما لحجيّة السنّة» في مجلة «علوم الحديث» العدد (۱) (ص۱ ـ ۳۷) .

صفحه از 34