صورة «عدم وجود معارض أقوى منه» مع قبوله، وحينئذ لا يفرّق في ما يُقبل أن يجيء من طريق واحد ، ولا في المرفوض قبوله أن يكون مرويّاً بطريق أكثر من واحد.
كما لا يعتبرون في هذا الأمر النظر إلى أحوال الرواة ، لأنّ الاعتماد ليس على روايتهم الوحيدة ، وإنّما على الاتّفاق المذكور،كما هو الحال في الخبر المتواتر الذي لا عبرةَ ـ في الأخذ به ـ بحال الرواة واحداً واحداً.
وعلى هذا الأساس يعتمدون «المراسيل» المتّفق على الأخذ بها، لأنّ الإسناد مطويّ ـ حينئذ ـ في الاتّفاق المذكور، بل هو أساس العمل بها.
الموافقة مع هذا المبنى:
وقد وافق بعض العامّة على هذا المبنى ـ وإن كان الرأي عند جمهورهم على خلافه ـ: فقد روي عن واصل بن عطاء ( ـ 131هـ) قوله: الحقّ يُعرف من وجوه أربعة: كتاب ناطقٌ ، وخبرٌ مجتمع عليه ، وحجّة عقل ، وإجماع ۱ .
فهنا قد أدخل عنصر «الاجتماع على الخبر» قيداً لقبوله.
وقد ذكر القاسمي من المذاهب العامّية في خبر الواحد ما نصّه: مذهب يرى أنّ سنّة الآحاد قطعية الثبوت في «كلّ ما تلقّته الأُمّة بالقبول» وهو ما رجّحه الحافظ ابن حجر في شرح النخبة ۲ .
أقول: وقد نقله ابن حزم عن أحمد ، والمحاسبي ، والكرابيسي ، والخطابي ۳ .
ونقله ابن كثير عن النووي قال: وقفت على كلام ابن تيمية مضمونه: أنّه نقل «القطع» بالحديث الذي «تلقّتْه الأُمّة بالقبول» عن جماعات من الأئمّة منهم:
1.الأوائل للعسكري (۲ / ۱۲۴) قارن بفضل الاعتزال وطبقات المعتزلة (ص۲۳۴) .
2.نقله القاسمي في (قواعد التحديث) (ص۸۷) عن (شرح النخبة) لابن حجر (ص۷) .
3.الأحكام لابن حزم (۱ / ۱۰۸) .