والحاصل: أنّ جمهور العامّة إنّما يقولون بحجّية خبر الواحد تعبّداً ، لإثبات الشرع به ، مع الإقرار بكون الطريق ظنّياً لا يوجب العلم ، ولا يرفع أصل الاحتمال ، كما قال أبو حنيفة: إنّ خبر الواحد لا يوجب علم اليقين ، وإنّما يوجب العمل تحسيناً للظنّ بالراوي ، فلا تنتفي الشبهة به ۱ .
ولهذا اشترطوا في حجّية الخبر الواحد شروطاً ترتبط بالرواة في سلسلة السند.
قال الخطيب: لا يقبل خبر الواحد حتّى تثبت عدالة رجاله ، واتّصال إسناده ، وثبوت العدالة أن يكون الراوي: بعد بلوغه ، وصحّة عقله ، ثقةً مأموناً ، جميل الاعتقاد غير مبتدع ، مجتنباً للكبائر ، متنزّهاً عن كلّ ما يُسقط المروءة من المجون والسخف والأفعال الدنيئة .
وينبغي أن لايكون مدلّساً في رواية ، ويكون ضابطاً حال الرواية، محصّلا لما يرويه.
ويكون شيخه الذي سمع منه على هذه الصفة ، وكذلك حال شيخ شيخه ، ومن بعده من رجال الإسناد إلى الصحابيّ الذي روى الحديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله).
فإذا كان في الإسناد رجلٌ ثبت فسقه ، أو جُهل حاله ، فلم يعرف بالعدالة ولا بالفسق; لم يصحّ الاحتجاج بذلك الحديث.
هذا الكلام في الحديث الذي اتّصل بسنده ۲ .
أقول: ولا شكّ أنّ الالتزام بهذه الشروط أو بعضها ، إنّما طريقها الظنّ وليس العلم ، فلا تكون حجّية الخبر الواحد ، إلاّ أمراً ظنّياً لابتنائه على الأُمور الظنّية ، وهو على فرض صحّة التعبّد به ، ووقوعه ، ليس موجباً للعلم، وإنّما هو موجب
1.المبسوط للسرخسي (۳ / ۸۰) .
2.(الفقيه والمتفّقه) (۱ / ۱۰۳) .