موقف الحشوية من مصادر الفكر الإسلامي الحدیث و القرآن - صفحه 24

أوّلا: إنّ الهدف من حديث العرض ـ المتّفق على روايته ـ هو رفع مقام السنّة إلى مقام العلم ، لا معارضتها ، وذلك; لأنّ السنّة بذلك ترتفع عن كونها ظنّية إلى مستوى الكتاب القطعيّ ، وإلاّ لم يكن معنى للجمع والعرض والمقارنة بينهما; وهما من مستويين متفاوتين.
وثانياً: إنّ القرآن ـ كما هو معلوم لأهل العلم ـ إنّما بُيّن فيه كلّ شيء ، بشكل القواعد العامّة ، والسنن الجامعة ، ولم يتعرّض للتفاصيل الجزئية ، وإنّما بيّن الأُصول الكبرى للدين عقيدة وشريعة، وأوكل البيان إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) ولابدّ أن تكون البيانات موافقة للكلّيات القطعية الواضحة في القرآن ، لا معارضة أو منافية لها.
فما ورد في الحديث إذا كان داخلا في الكلّيات ، فهو موافق للقرآن ، وإن احتوى على بيان وتفصيل ، ولا يعدّ منافياً ، والجزئيات التي لم ترد في القرآن ، لا تسمّى مخالفة ، بل هي موافقة لكونها من بيان الرسول (صلى الله عليه وآله) للقرآن ، وطاعته في ذلك هو ممّا أمر به القرآن .
والحديث المخالف لما ورد في القرآن ـ من الكلّيات ـ فهو معارضٌ مطرودْ مردودٌ ، لايمكن الحكم بصدوره من الرسول (صلى الله عليه وآله).
فلاتوجب أحاديث العرض الاستغناء عن الحديث ولا إبطاله ، وإذا كان التفاوت بذلك الشكل لايسمّى مخالفةً ، فالعامّ لايخالف الخاصّ ، ولاالمطلق يخالف المقيّد.
وأمّا مقولة: «حسبُنا كتابُ الله» فهي شنشنة معروفة من أخزم ، وقد قالها مَنْ مَنَعَ تدوين السنّة بكلّ قوّة وشدّة ، حتّى أدّى إلى الريب فيه من قبل الملحدين ۱ .
فأحاديث العرض هذه ، قاعدة إسلامية هامّة ، تدلّ على أنّ الحديث والسنّة المأخوذة منه ، لابدّ أن تكون في الثبوت بمستوى القرآن الكريم في إيجاب العلم ،

1.لاحظ التفصيل في كتابنا (تدوين السنّة الشريفة) .

صفحه از 34