موقف الحشوية من مصادر الفكر الإسلامي الحدیث و القرآن - صفحه 26

أُصوله فهو الحقّ الذي تأخذونه ، وما خالفه فاطرحوه ، أو اتركوه ، أو ردّوه.
إنّ هذا الميزان من أقوم الطرق للخلاص من الريب الموجود في أخبار الآحاد ، ورفع للخبر الواحد الموافق ، إلى مستوى العلم الموجود في الكتاب ، فهو دعم وتأييد للخبر والحديث والسنّة ، لا كما يوهمه الحشوية! .
وهذا الميزان العادل ، بعد فهم معناه ، والتأكّد من صدقه وعدله ، يجري على كلّ حديث حتّى لو كان متفرّداً ولوحده ، فإنّ الحقّ واحد.

موقف الحشوية من الخبر الواحد:

لقد خالف الحشوية ـ على طريقتهم ـ جميع العقلاء في هذه المسألة أيضاً ، فقالوا: إنّ الخبر الواحد يفيد العلم والعمل.
فذهب بعضهم إلى أنّه يفيد العلم اليقينيّ ، وهو مذهب داود الظاهري، والحسين بن عليّ الكرابيسي ، والحارث بن أسد المحاسبي ، وحكاه بعضهم عن مالك.
وهو الذي اختاره وذهب إليه ابن حزم ، فقال في الإحكام: إنّ خبر الواحد العدل عن مثله إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوجب العلم والعمل معاً ۱ .
قال ابن كثير: وقد خالف في هذه المسألة النووي في التقريب ۲ .
وسبق أنّ هؤلاء وغيرهم إنّما قالوا بإيجاب الخبر الواحد للعلم في صورة واحدة وهي «أن تكون الأُمّة قد تلقّته بالقبول».
وقد علّقنا هناك أنّ الخبر بهذا القيد يخرج عن كونه واحداً ، ويلحق بالمتواتر حكماً ، لخروجه عن تعريف الواحد المقيّد بكونه «لا يفيد العلم».
ونسب إفادة الخبر الواحد للعلم إلى جماعة:

1.الإحكام (۱ / ۱۱۹ ـ ۱۲۷) .

2.الباعث الحثيث (ص۳۳) .

صفحه از 34