موقف الحشوية من مصادر الفكر الإسلامي الحدیث و القرآن - صفحه 27

قال القاسمي: ومنهم من قال: «إنّه يفيد العلم اليقيني» كابن الصلاح في علوم الحديث ۱ وابن كثير في مختصر علوم الحديث ۲ وابن تيمية في مختصر الصواعق ۳ . نقل القاسمي ذلك عن إعلام الموقعين عن ربّ العالمين ۴ .
ولو صحّت النسبة المذكورة ، فنقول:
أوّلا: إنّ هذا الرأي ، مع مخالفته لجمهور المسلمين من الشيعة والعامّة ، فإنّه دليل على بُعد الحشوية عن الفهم ، لأنّ المراد بالعلم واليقين ، هو كون الأمر معلوماً لايحتمل خلافه ، والخبر الواحد ليس كذلك ; لأنّ احتمال الصدق والكذب فيه مأخوذ في حقيقته وتعريفه ، ولو فرض كون خبر ما خالياً عن هذا الاحتمال فهو خارج عن كونه خبراً واحداً.
فجمعهم بين الأمرين: ـ كونه خبراً واحداً ، وكونه موجباً للعلم ـ تناقض واضح يفهمه كلّ عاقل ملتفت إلى ما يقول; ولو كان من صغار الطلبة.
وثانياً: إنّ المعلوم اليقيني يتوقّف على مقدّمات كلّها علمية ، وليس الخبر الواحد كذلك ، لتدخّل عوامل كثيرة وشروط عديدة ، أكثرها بل كلّها لاتأتي بطريق العلم ، ويكفي واحد منها لكون النتيجة ظنّية ، فكيف يأتي العلم ، ومن أين ؟
وثالثاً: إنّ الظاهر أنّ الحشوية ، وكعادتهم ، لا يريدون بهذه الكلمات ما
هو المتعارف والمصطلح لدى أهل العلم والعقلاء والفقهاء ، وإنّما يقصدون إلى أشياء أُخرى ، ولكنّهم يجادلون في هذه الأسماء لعدم الفهم والمعرفة بطرق البحث العلمي.
فإن كان مرادهم بالعلم مطلق المعرفة الشرعية ، والمسائل المأخوذة من

1.(علوم الحديث) لأبن الصلاح (ص۲۸) .

2.الباعث الحثيث (ص۲۸) .

3.مختصر الصواعق (۲ / ۳۸۳) .

4.قواعد التحديث (ص۸۷) .

صفحه از 34