فأمرَ اللهُ أن يتدبّروا لكتابه ليتحقّق حقّه ، ويزول الخلاف فيه وعنه.
وإذا كان جميع أبواب الحقّ ووجوهه متّفقةً متّسقةً كان جميع أبواب الباطل وسبله متضادّةً مختلفةً.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «سيُكذب عليَّ ، فاعرضوا ما تحدّثوا به عنّي على كتاب ربّي ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فانبذوه».
والخبر: إنّ كتاب الله مع أهل بيته مقروناً بهم لا يُفارقهم ، ولا يفارقونه ، فدلّ ذلك على أنّهم علماؤه، فوجب الرجوع إلى أهل بيته(عليهم السلام) في تحقيق الأشياء .
إذ كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرنا أن نحقّق أخباره بكتاب الله ، ولسنا نحيط بكتاب الله علماً ، ولاشكّ في إحاطة أهل بيت رسول الله(عليهم السلام) بعلمه ،إذ قرنهم رسول الله(صلى الله عليه وآله)به ، فأوجبنا عند ذلك: في كلّ ما نقل إلينا من أخباره رسول الله (صلى الله عليه وآله)النظر والتمييز ، ليتحقّق لنا حقّها ويتّضح لنا باطلها.
ولو عوّلنا في ذلك على ما تذهب إليه الحشوية في الأخبار ، لقلنا: إنّ بلالا مولى أبي بكر ، وعائشة ابنته ، ويجوز أن يُتّهم بلال في الميل إلى مولاه ، وتتّهم عائشة في الميل إلى أبيها ، ويبطل الحديث من هذه الجهة.
ولكن هذه الحالة لانرضاها لأنفسنا ۱ .
ردود الفعل:
لقد كان نتيجة هذا الإفراط من الحشوية في قبول الأخبار ، وعلى نهج الاعتماد على الإسناد فقط دون النظر إلى المتن ونقده ، ردود فعل عنيفة عند طوائف من العامّة قديماً وحديثاً ، أدّت إلى التفريط بالحديث الشريف بالإعراض عنه ، جزئياً ، أو كلّياً: فكان قديماً تفريط الحنفية ـ أتباع الإمام أبي حنيفة - في ترك
1.(الاستغاثة) (ص۱۳ ـ ۱۴) والحديث الذي رواه بلال وعائشة هو حديث «صلاة أبي بكر» ، فراجع .