الاعتماد على الأحاديث والاستناد إليها.
ولقد وجّه أهل المخالفون عامّةً ، والحشوية خاصّةً ، انتقادات عنيفةً على أبي حنيفة وأتباعه، في مسألة الحديث ، خلطوا فيها بين الحقّ والباطل ، على عادتهم في تجاوز الحدود والحقوق ضدّ من يعارضونه.
ومن قرأ ترجمة أبي حنيفة في كتاب «تاريخ بغداد» ۱ للخطيب البغدادي; يجد فيه العُجاب ممّا ملأه من التّهم والسُباب!.
ونقل عن مالك ـ إمام المذهب ـ قوله: ما ولد في الإسلام مولود أضرّ على أهل الإسلام من أبي حنيفة ، ونحوه عن الأوزاعي ـ رئيس المذهب البائد ـ ۲ .
وقال: كانت فتنة أبي حنيفة أضرّ على هذه الأُمّة من فتنة إبليس ۳ .
قال ابن خلّكان: ذكر ] الخطيب [ ما كان الأليق تركه والإضراب عنه ۴ والخطيب الذي أقدم على هذا هو شافعي المذهب.
وأمّا الحنابلة ، فقد كانوا ولا يزالون أشدّ وطأة وأقبح قيلا في أبي حنيفة وأصحاب الرأي ، بل في أتباع المذهب الحنفي قاطبةً.
واتّهموه بردّ السنّة ، لعدم اعتماده على جلّ أخبار الآحاد ، حَذَراً من ضعف الآحاديّ ، لاحتمال الكذب فيه ، وهو ظنّي لا يصل إلى مرتبة العلم ، فكيف يكون مستنداً في علم الدين والشريعة ، الذي هو حقٌ معلوم فاتّهم بالزندقة ، بناءً على أنّ رفض تلك الأحاديث يؤدّي إلى ترك الدين وهدم أُسسه وأركانه.
وأجاب أبو حنيفة على هذه التّهم بما نصّه: أكُذّبُ هؤلاء!.
ولايكون تكذيبي لهؤلاء وردّي عليهم تكذيباً للنبي (صلى الله عليه وآله) ، وإنّما يكون
1.في الجزء (۱۳) من طبعة مصر الأُولى .
2.(تاريخ بغداد) (۱۳ / ۴۱۵) وبداية الترجمة (ص۳۲۳) ورقمها ۹۲۹۷ .
3.(تاريخ بغداد) (۱۳ / ۴۱۶) .
4.وفيّات الأعيان (۵ / ۴۰۵ ـ ۴۱۴) .