عرض الحديث علي الكتاب والسنّة من قواعد الحديث و أُصول الاجتهاد - صفحه 47

حدّثني بن أبي مليكة: أنّ عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) كانت لاتسمع شيئاً لاتعرفه إلاّ راجعت فيه حتّى تعرفه ، وأنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «مَنْ حُوسب عُذِّب».
قالت عائشة فقلتُ: أوليس يقول الله تعالى فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً۱ قالت: قال: «إنّما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك» ۲ .
يقول ابن حجر العسقلاني: تستنبط من هذا الحديث الأحكام الآتية:
«1» ما كان عند عائشة من الحرص على فهم معاني السنّة التي حكاها الحديث، وأنّ النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن يتضجّر من المراجعة في العلم.
«2» وفيه جواز المناظرة أي المحادثة لفهم الكلام فهماً صحيحاً.
«3» وفيه مقابلة السنّة بالكتاب.
«4» وفيه تفاوت الناس في الحساب ۳ .
وورد في حديث أُمّ المؤمنين عائشة: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ» أي ما لايوافق الكتاب والسنّة الصحيحة فهو مردود ۴ .
فحديث عائشة نصّ على ردّ كلّ أمر ليس من الكتاب والسنّة الصحيحة ، وليس له أصل أو مثال فيهما ، وكذلك نصّ على ردّ ما لايوافق القرآن والسنّة الصحيحة .
وهو يدلّ بمنطوقه ومفهومه على «قاعدة ردّ كلّ أمر إلى الكتاب والسنّة الصحيحة، وعرضه عليهما لمعرفة صحّته وسقمه» سواء كان ذلك الأمر حديثاً أو غيره من الأقوال والآراء والآثار.
وروى مسلم في (صحيحه) عن إسحاق قال: كنت مع الأسود بن يزيد جالساً

1.سورة الانشقاق: ۸.

2.(صحيح البخاري) كتاب العلم باب «من سمع شيئاً فراجع حتّى يعرفه» .

3.(فتح الباري في شرح البخاري) الباب السابق ج۱۷  .

4.(فتح الباري) ج۱۷ ص۶۴ باب الاقتداء بسنن النبي (صلى الله عليه وآله) .

صفحه از 55